عن الورى وفي التأويلات النجمية ان لكل قوم عجلا يعبدونه من دون الله قوم يعبدون عجل الدراهم والدنانير وقوم يعبدون عجل الشهوات وقوم يعبدون عجل الجاه وقوم يعبدون عجل الهوى وهذا أبغضها على الله فالله تعالى يلهم موسى قلب كل سعيد ليقول يا قوم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ اى ارجعوا الى الله بالخروج عما سواه ولا يمكنكم الا بقتل النفس فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بقمع الهوى لان الهوى هو حياة النفس وبالهوى ادعى فرعون الربوبية وعبد بنوا إسرائيل العجل وبالهوى أبى واستكبر إبليس او ارجعوا بالاستنصار على قتل النفس بنهيها عن هواها فاقتلوا أنفسكم بنصر الله وعونه فان قتل النفس في الظاهر ييسر للمؤمن والكافر فاما قتل النفس في الباطن وقهرها فامر صعب لا يتيسر الا لخواص الحق بسيف الصدق وبنصر الحق ولهذا جعل مرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع من غزو يقول (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وذلك لان المجاهد إذا قتل بسيف الكفار يستريح من التعب بمرة واحدة وإذا قتل بسيف الصدق في يوم الف مرة تحيى كل مرة نفس على بصيرة اخرى وتزداد في مكرها فلا يستريح المجاهد طرفة عين من جهادها ولا يأمن مكرها وبالحقيقة النفس هى صورة مكر الحق ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ يعنى قتل النفس بسيف الصدق خير لكم لان بكل قتلة رفعة ودرجة لكم عند بارئكم فانتم تتقربون الى الله بقتل النفس وقمع الهوى وهو يتقرب إليكم بالتوفيق للتوبة والرحمة عليكم كما قال (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) وذلك قوله فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: قال في المثنوى
عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است ... آب توبش ده اگر او بي نم است
بيخ عمرت را بده آب حيات ... تا درخت عمر گردد بإثبات
وَإِذْ قُلْتُمْ هذا هو الانعام السادس اى واذكروا يا بنى إسرائيل وقت قول السبعين من اسلافكم الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه الى الطور للاعتذار عن عبادة العجل وهم غير السبعين الذين اختارهم موسى أول مرة حين أراد الانطلاق الى الطور بعد غرق فرعون لاتيان التوراة يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نصدقك لاجل قولك ودعوتك على ان هذا كتاب الله وانك سمعت كلامه وان الله تعالى أمرنا بقبوله والعمل به حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً اى عيانا لا ساتر بيننا وبينه كالجهر في الوضوح والانكشاف لان الجهر في المسموعات والمعاينة في المبصرات ونصبها على المصدرية لانها نوع من الرؤية فكأنها مصدر الفعل الناصب او حال من الفاعل والمعنى حتى نرى الله مجاهرين او من المفعول والمعنى حتى نرى الله مجاهرا بفتح الهاء فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ هى نار محرقة فيها صوت نازلة من السماء وهي كل امر مهول مميت او مزيل للعقل والفهم وتكون صوتا وتكون نارا وتكون غير ذلك وانما أحرقتهم الصاعقة لسؤالهم ما هو مستحيل على الله في الدنيا ولفرط العناد والتعنت وانما الممكن ان يرى رؤية منزهة عن الكيفية وذلك للمؤمنين في الآخرة وللافراد من الأنبياء فى بعض الأحوال في الدنيا وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ الى الصاعقة النازلة فان كانت نارا فقد عاينوها