ووصول المحب الى صحبة المحبوب وكذا مساكن القلوب انما تطيب بتجلى الحق ولقاء جماله جعلنا الله وإياكم من اهل الوصول واللقاء والبقاء ذلِكَ اى ما ذكر من المغفرة وإدخال الجنات المذكورة بما ذكر من الأوصاف الجميلة الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه قال بعض المفسرين الفوز يكون بمعنى النجاة من المكروه وبمعنى الظفر بالبغية والاول يحصل بالمغفرة والثاني بإدخال الجنة والتنعيم فيها وعظمه باعتبار انه نجاة لا ألم بعده وظفر لا نقصان فيه شانا وزمانا ومكانا لانه في غاية الكمال على الدوام في مقام النعيم اعلم ان الآية الكريمة أفادت ان التجارة دنيوية واخروية فالدنيا موسم التجارة والعمر مدتها والأعضاء والقوى رأس المال والعبد هو المشترى من وجه والبائع من وجه فمن صرف رأس ماله الى المنافع الدنيوية التي تنقطع عند الموت فتجارته دنيوية كاسدة خاسرة وان كان بتحصيل علم دينى او كسب عمل صالح فضلا عن غيرهما فانما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ومن صرفه الى المقاصد الأخروية التي لا تنقطع ابدا فتجارته رائجة رابحة حرية بأن يقال فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ولعل المراد من التجارة هنا بذل المال والنفس فى سبيل الله وذكر الايمان لكونه أصلا في الأعمال ووسيلة في قبول الآمال وتوصيف التجارة بالانجاء لان النجاة يتوقف عليها الانتفاع فيكون قوله تعالى يغفر لكم بيان سبب الانجاء وقوله ويدخلكم بما يتعلق به بيان المنفعة الحاصلة من التجارة مع ان التجارة الدنيوية تكون سببا للنجاة من الفقر المنقطع والتجارة الأخروية تكون سببا للنجاة من الفقر الغير المنقطع قال عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ يعنى ان نعمتى الصحة والفراغ كرأس المال للمكلف فينبغى أن يعامل الله بالايمان به وبرسوله ويجاهد مع النفس لئلا يغبن ويربح في الدنيا والآخرة ويجتنب معاملة الشيطان لئلا يضيع رأس ماله مع الربح (قال الحافظ)
كارى كنيم ور نه خجالت بر أورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم
(وقال ايضا)
كوهر معرفت اندوز كه يا خود ببرى ... كه نصيب دگرانست نصاب زر وسيم
از كسب معارف شده مشغوف ز خارف ... درهاى ثمين داده وخر مهره خريده
(وقال)
جان فداى دوست كن جامى كه هست ... كمترين كارى درين ره بذل روح
وَأُخْرى اى ولكم الى هذه النعم العظيمة نعمة اخرى عاجلة فأخرى مبتدأ حذف خبره والجملة عطف على يغفر لكم على المعنى تُحِبُّونَها وترغبون فيها وفيه تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل وتوبيخ على محبته وهو صفة بعد صفة لذلك المحذوف نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ بدل او بيان لتلك النعمة الاخرى يعنى نصر من الله على عدوكم قريش