للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليقلد ربه فيما اخبر ولا يؤول فانه اولى من تقليد العقل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا اى آمنوا ثم لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدقوه واعترفوا بأن الحق معه من ارتاب مطاوع را به إذا أوقعه في الشك في الخبر مع التهمة للمخبر فظهر الفرق بين الريب والشك فان الشك تردد بين نقبضين لا تهمة فيه وفيه اشارة الى أن فيهم ما يوجب نفى الايمان عنهم وهو الارتياب وثم للاشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الايمان ليس في حال إنشائه فقط بل وفيما يستقبل فهى كما في قوله تعالى ثم استقاموا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طاعته على تكثير فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليهما معا كالحج والجهاد أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة هُمُ الصَّادِقُونَ اى الذين صدقوا في دعوى الايمان لا غيرهم فهو قصر افراد وتكذيب لأعراب بنى اسد حيث اعتقدوا الشركة وزعموا أنهم صادقون ايضا في دعوى الايمان واعلم ان الآية الكريمة شاملة لمجامع القوى التي وجب على كل أحد تهذيبها وإصلاحها تطهيرا لنفسه الحاصل به الفوز بالفلاح والسعادة كلها كما قال تعالى قد أفلح من زكاها وهى قوة التفكر وقوة الشهوة وقوة الغضب اللاتي إذا أصلحت ثلاثتهما وضبطت حصل العدل الذي قامت به السموات والأرض فانها جميع مكارم الشريعة وتزكية النفس وحسن الخلق المحمود ولاصالة الاولى وجلالتها قدمت على الأخيرتين فدل بالايمان بالله ورسوله مع نفى الارتياب على العلم اليقيني والحكمة الحقيقية التي لا يتصور حصولها الا بإصلاح قوة التفكر ودل بالمجاهدة بالأموال على العفة والجود التابعين بالضرورة لاصلاح قوة الشهوة وبالمجاهدة بالأنفس على الشجاعة والحلم التابعين لاصلاح قوة الحمية الغضبية وقهرها وإسلامها للدين وعليه دل قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فان العفو عمن ظلم هو كمال الحلم والشجاعة وإعطاء من حرم كمال العفة والجود ووصل من قطع كمال الفضل والإحسان واعلم ايضا ان جميع كمالات النفس الانسانية محصورة في القوى الثلاث وفضائلها الأربع إذ العقل كماله العلم والعفة كمالها الورع والشجاعة كمالها المجاهدة والعدل كماله الانصاف وهى اصول الدين على التحقيق وفي الآية رد للدعوى وحث على الاتصاف بالصدق قال بعضهم لولا الدعاوى ما خلقت المهاوى فمن ادعى فقد هوى فيها وان كان صادقا ألا تراه يطالب بالبرهان ولو لم يدع ما طولب بدليل (قال الحافظ)

حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زرد وزو بوريا بافست

وفي الحديث يا أبا بكر عليك بصدق الحديث والوفاء بالعهد وحفظ الامانة فانها وصية الأنبياء (قال الحافظ)

طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن

وأتى رسول الله التجار فقال يا معشر التجار إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وأدى الامانة وفي الحديث التجار هم الفجار قيل ولم يا رسول الله وقد أحل الله البيع فقال لانهم يحلفون فيأثمون ويتحدثون فيكذبون (قال الصائب)

<<  <  ج: ص:  >  >>