عنى فاذا انا جالس في مكانى ولم يشعر بي أحد فبقيت متفكرا في نفسى وانا مكذب نفسى فيما جرى فقامت الصلاة وصلّى الناس فصليت معهم ولم يكن لى شغل الا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فاذا به قد دخل على درب فالتفت الى وقال يا سهل كأنك ما أيقنت بما رأيت قلت كلالج الباب يرحمك الله فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينه والمنشفه مبلولة فقلت آمنت بالله فقال يا سهل من أطاع الله أطاعه كل شيء يا سهل اطلبه تجده فتغر غرت عيناى بالدموع فمسحتهما وفتحتهما فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسرا على ما فاتنى منه ثم أخذت في العبادة يَسْئَلُونَ اى الكفار فيقولون أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ بحذف المضاف من اليوم واقامة المضاف اليه مقامه فلا يرد ان ظرف الزمان لا يقع خبرا الا عن الحدث وفي النظم أخبر به عن الزمان اى متى وقوع يوم الجزاء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ جواب للسؤال وانتصب يوم يفعل مضمر دل عليه السؤال اى يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون بها كما يفتن الذهب بالنار يقال فتنت الشيء اى أحرقت خبثه لتظهر خلاصته فالكافر كله خبث فيحرق كله ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف اى هو يوم هم والفتح لاضافته الى غير متمكن ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ اى مقولالهم هذا القول إذا عذبوا والقائل خزنة النار أو ذوقوا جزاء تكذيبكم كما في قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم اى كفرهم مرادا به عاقبته قال الراغب اصل الفتن إدخال الذهب النار ليظهر جودته من ردآءنه ويستعمل في إدخال الإنسان النار وقوله تعالى ذوقوا فتنتكم اى عذابكم وتارة يسمون ما يحصل منه العذاب فيستعمل فيه نحو قوله تعالى ألا في الفتنة سقطوا وتارة في الاختيار نحو قوله وفتناك فتونا هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر وهذا اشارة الى ما في الفتنة من معنى العذاب اى هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به في حياتكم الدنيا وتقولون متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء ويجوز ان يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذي صفته وفيه اشارة الى أهل المكر والدعوى الذين استبطأوا حصول المرام فيسألون أيان يوم الدين وهم في ظلمة ليل الدنيا مستعجلين في استصباح نهار الدين فأجابتهم عزة الجبروت عن الكبرياء والعظموت يوم هم على نار الشهوات يفتنون بعذاب البعد والقطيعة يعذبون ذوقوا عذاب فتنتكم التي قطعت عليكم طريق الطلب هذا الذي كنتم به تملون من الطلب وتستعجلون الظفر بالمقصود. قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا صاحب لى قد أوينا الى مغارة نطلب الدخول الى الله وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذوهيبة علمنا انه من اولياء الله فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يا نفس لم لا تعبدين الله لله فتيقظنا وتبنا الى الله فبعد ذلك فتح علينا ففيه اشارة الى ترك الاستعجال في طريق الطلب والى الاخذ بالإخلاص والى العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء حتى يتخلص الطالب من عذاب الوجود ويرتفع الحجاب ويحصل الشهود بكمال الفيض والجود واما العمل بالنفس فيزيد في وجودها