ويرتبوا عليها أحكامها ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم وَيَبْسُطُوا ويطيلوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ او بما يسوءكم من القتل والاسر والشتم وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ اى تمتوا ارتدادكم وكونكم مثلهم كقوله ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم فكلمة لو هنا مصدرية وصيغة الماضي للايذان بتحقق ودادتهم قبل أن يثقفوهم ايضا فهو معطوف على يبسطوا لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ اى قراباتكم قال الراغب الرحم رحم المرأة وهى في الأصل وعاء الولد في بطن امه ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لاجلهم وتتقربون إليهم محاماة عليهم جمع ولد بمعنى المولود يعم الذكر والأنثى يَوْمَ الْقِيامَةِ بجلب نفع او دفع ضر ظرف لقوله لن تنفعكم فيوقف عليه ويبتدأ بما بعده يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ استئناف لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد يومئذ اى يفرق الله بينكم بما اعتراكم من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر حسبما نطق به قوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه وامه الآية فما لكم ترفضون حق الله لمراعاة حق من يفر منكم غدا وقيل يفرق بين الوالد وولده وبين القريب وقريبه فيدخل أهل طاعته الجنة واهل معصيته النار وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم به وهو ابلغ من خبير لانه جعله كالمحسوس بحس البصر مع ان المعلوم هنا أكثره المبصرات من الكتاب والإتيان بمن يحمل الكتاب وإعطاء الاجرة للحمل وغيرها وفي الآية اشارة الى عدواة النفس وصفاتها للروح وأخلاقه فان النفس ظلمانية سفلية كثيفة والروح وقواه نورانية علوية لطيفة ولا شك ان بين النور والظلمة تدافعا ولذا تجتهد النفس أن تغلب الروح بظلمانيتها حتى يكون الحكم لها في مملكة الوجود وهو تصرفها باليد واما بسط لسانها بالسوء فبمدح الأخلاق الذميمة وذم الأخلاق الحميدة فالقالب كبلد فيه اشراف وارذال كل بطن واحد لان القوى الخيرة والشريرة انما حصلت من ازدواج الروح مع القالب فالنفس وصفاتها من الأرذال وعلى مشرب قابيل وكنعان ولدي آدم ونوح عليهما السلام فليست من الأهل في الحقيقة والروح وقواه من الاشراف وعلى مشرب هابيل ونحوه فهى من الأهل في الحقيقة ولذا تنقطع هذه النسبة يوم القيامة فيكون الروح في النعيم والنفس فى الجحيم عند تجلى اللطف والجمال والقهر والجلال جعلنا الله وإياكم من اهل الكمال والنوال قَدْ كانَتْ لَكُمْ أيها المؤمنون أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة هى الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا وان سارا وان ضارا والاسى الحزن وحقيقته اتباع الفائت بالغم والمعنى خصلة حميدة حقيقة بأن يؤتسى ويقتدى بها ويتبع اثرها قوله أسوة اسم كانت ولكم خبرها وحسنة صفة أسوة مقيدة ان عمت الاسوة المحمودة والمذمومة وكاشفة مادحة ان لم تعم فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ اى من أصحابه المؤمنين صفة ثانية لاسوة وقولهم لى في فلان أسوة اى قدوة من باب التجريد لا ان فلانا نفسه هو القدوة ويجوز أن يكون على حذف المضاف اى لى في سنته وأفعاله وأقواله وقيل المراد الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبا منه قال ابن عطية وهذا القول أرجح لانه لم يرد