وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى بسبب منعهم عن دين الله وهو الإسلام ناسا كَثِيراً او صدا كثيرا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ اى والحال انهم قد نُهُوا عَنْهُ فان الربا كان محرما عليهم كما هو محرم علينا. وفيه دليل على ان النهى يدل على حرمة المنهي عنه وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة وَأَعْتَدْنا اى خلقنا وهيأنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ اى للمصرين على الكفر لا لمن تاب وآمن من بينهم عَذاباً أَلِيماً وجيعا يخلص وجعه الى قلوبهم سيذوقونه فى الآخرة كما ذاقوا فى الدنيا عقوبة التحريم لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ اى التائبون من اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه وسماهم راسخين فى العلم لثباتهم فى العلم وتجردهم فيه لا يضطربون ولا تميل بهم الشبه بمنزلة الشجرة الراسخة بعروقها فى الأرض وَالْمُؤْمِنُونَ اى من غير اهل الكتاب من المهاجرين والأنصار يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ خبر المبتدأ وهو الراسخون وما عطف عليه. قال فى التأويلات النجمية كان عبد الله بن سلام عالما بالتوراة وقد قرأ فيها صفة النبي عليه السلام فلما كان راسخا فى العلم اتصل علم قراءته بعلم المعرفة فقال لما رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت انه ليس بوجه كذاب فآمن به ولما لم يكن للاحبار رسوخ فى العلم وان قرأوا صفة النبي عليه السلام فى التوراة فلما رأوا النبي عليه السلام ما عرفوه فكفروا به انتهى ونعم ما قيل فى حق الشرفاء
جعلوا لا بناء الرسول علامة ... ان العلامة شان من لم يشهر
نور النبوة فى كريم وجوههم ... يغنى الشريف عن الطراز الاخطر خضر
وَاعنى الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ فنصبه على المدح لبيان فضل الصلاة وَهم الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ فرفعه على المدح ايضا وكذا رفع قوله تعالى وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قدم عليه الايمان بالأنبياء والكتب وما يصدقه من اتباع الشرائع لانه المقصود بالآية أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً اى ثوابا وافرا فى الجنة على جمعهم بين الايمان والعمل الصالح وهو ما أريد به وجه الله تعالى. ومن أفاضل الأعمال الصلوات الخمس وإقامتها وفى الحديث (من حافظ منكم على الصلوات الخمس حيث كان واين ما كان جاز الصراط يوم القيامة كالبرق اللامع فى أول زمرة السابقين وجاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر وكان له كل يوم وليلة حافظ عليهن اجر شهيد) وسر هذا الحديث مفهوم من لفظ الصلاة ووجه تسميتها بها لان اشتقاقها من الصلى وهو النار والخشبة المعوجة إذا أرادوا تقويمها يعرضونها على النار فتقوم وفى العبد اعوجاج لوجود نفسه الامارة فيه وسبحات وجه الله الكريم حارة بحيث لو كشف حجابها لا حرقت تلك السبحات من أدركته ومن انتهى اليه البصر كما ورد فى الحديث فبدخول المصلى فى الصلاة يستقبل تلك السبحات فيصيب المصلى من وهج السطوة الالهية والعظمة الربانية ما يزول به اعوجاجه بل يتحقق به معراجه فالمصلى كالمصطلى بالنار ومن اصطلى بها زال بها اعوجاجه فلا يعرض على نار جهنم إلا تحلة القسم وبذلك المقدار من المرور يذهب اثر دونه ولا يبقى له احتياج الى المكث على