من غير ان يشركوا به شيأ من آلهتهم فان اخلاص الدين والطاعة له تعالى عبارة عن ترك الشرك وهذا الإخلاص ليس مبنيا على الايمان بل جار مجرى الايمان الاضطراري وقيل المراد بذلك الدعاء قولهم اهيا شراهيا فان تفسيره يا حى يا قيوم وهذان الاسمان من أوراد البحر كما سبق فى تفسير آية الكرسي لَئِنْ أَنْجَيْتَنا اللام موطئة للقسم على ارادة القول اى دعوا حال كونهم قائلين والله لئن أنجيتنا مِنْ هذِهِ الورطة لَنَكُونَنَّ البتة بعد ذلك ابدا مِنَ الشَّاكِرِينَ لنعمك التي من جملتها هذه النعمة المسئولة وهى نعمة الانجاء وذلك باتباع أوامرك والاجتناب عن مساخطك لا نكفر نعمتك بعبادة غيرك فَلَمَّا أَنْجاهُمْ مما غشيهم من الكربة اجابة لدعائهم والفاء للدلالة على سرعة الاجابة إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ اى فاجأوا الفساد فيها وسارعوا الى ما كانوا عليه من التكذيب والشرك والجراءة على الله تعالى وزيادة فى الأرض للدلالة على شمول بغيهم لاقطارها بِغَيْرِ الْحَقِّ اى حال كونهم ملتبسين بغير الحق قال الكاشفى [تأكيدست يعنى فساد ايشان بغير حق است هم باعتقاد ايشان چهـ ميدانند كه در ان عمل مبطلند] فيكون كما فى قوله تعالى وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقد سبق فى سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ الباغون إِنَّما بَغْيُكُمْ الذي تتعاطونه وهو مبتدأ خبره قوله تعالى عَلى أَنْفُسِكُمْ اى وباله راجع عليكم وجزاؤه لا حق بكم لا على الذين تبغون عليهم وان ظن كذلك مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا نصب على انه مصدر مؤكد لفعل مقدر بطريق الاستئناف اى تتمتعون متاع الحياة الدنيا أياما قلائل فتفنى الحياة وما يتبعها من اللذات وتبقى العقوبات على اصحاب السيئات هر كه او بد ميكند بى شبهه با خود ميكند ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فى يوم القيامة لا الى غيرنا فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا على الاستمرار من البغي وهو وعيد بالجزاء كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم وفى الآية الكريمة إشارات. منها ان الفلك نعمة من الله تعالى إذ قد يحتاج الناس الى عبور البحر به ولذا امتن الله عليهم بالتسيير فى البحر قال فى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء كذا قاله الجمهور وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال انتهى وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يرفعه الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا تركب البحر الا حاجا او معتمرا او غازيا فى سبيل الله فان تحت البحر نار او تحت النار بحرا) قوله فان تحت البحر نارا اشارة الى ان راكبه متعرض للآفات المهلكة كالنار. وقوله وتحت النار بحرا أراد به تهويل امر البحر وخوف الهلاك منه كما يخاف من ملامسة النار وان اختيار ذلك لغرض من الأغراض الفانية سفه وجهل لان فيه تلف النفس وبذل النفس لا يجمل الا فيما يقرب العبد الى الله وهذا الحديث يدل على وجوب ركوب البحر للحج والجهاد إذا لم يجد طريقا آخر ومن ركب البحر وأصابه نصب ومشقة كدوران الرأس وغثيان المعدة وغير ذلك فله اجر شهيد ان كان يمشى الى طاعة الله كالغزو والحج وطلب العلم