جعلت الأرض فى أمرك مرها فلتفعل ما تهوى بمكان ابنك قابيل فقال آدم عليه السلام يا ارض خذيه فاخذت الأرض قابيل فقال قابيل يا ارض بحق الله ان تمهلينى حتى أقول قولى ففعلت فقال يا رب ان ابى قد عصاك فلم تخسف به الأرض فقال الله تعالى نعم ولكنه ترك امرا واحدا وأنت تركت امرى وامر أبيك وقتلت أخاك فقال آدم ثانيا يا ارض خذيه فقال قابيل بحرمة محمد عليه السلام ان تمهلينى حتى أقول قولى ففعلت فقال يا رب ان إبليس ترك أمرك وعاداك ولم تخسف به الأرض فما بالى تخسف بي الأرض فاجاب الله تعالى مثل الاولى فقال الهى أليس لك تسعة وتسعون اسما فقال الله تعالى بلى فقال أليس الرحمن الرحيم من جملة ذلك قال بلى قال ألست سميت نفسك رحمانا رحيما لكثرة الرحمة قال بلى قال يا رب ان أردت إهلاكي فاخرج هذين الاسمين من بين أسمائك ثم أهلكني لان أخذ العبد بجريمة واحدة لا يكون رحمة فامر الله الأرض حتى خلت سبيله ولم تهلكه فاعتبر إذا كانت رحمته بهذه المرتبة للكافر فما ظنك للمؤمن فينبغى للمقصر ان يرفع حاجته الى المولى ويستغفر من ذنبه الأخفى والاجلى كى يدخل فى الرحمة التي هى الفردوس الأعلى: قال الحافظ
سياه نامه تراز خود كسى نمى بينم ... چكونه چون قلمم دود دل بسر نرود
وفى قوله تعالى رَبِّ اغْفِرْ لِي الآية اشارة الى السير فى الصفات لان المغفرة والرحمة من الصفات فيشير الى ان لموسى الروح ولاخيه هارون القلب استعداد لقبول الجذبة الالهية التي تدخلهما فى عالم الصفات وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لان غيرك من الراحمين عاجز عن إدخال غيره فى صفاته وأنت قادر على ذلك لمن تشاء ويدل عليه قوله يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ اى آلها واستمروا على عبادته كالسامرى وأشياعه من الذين اشربوه فى قلوبهم سَيَنالُهُمْ اى فى الآخرة غَضَبٌ عظيم كائن مِنْ رَبِّهِمْ اى مالكهم لما ان جريمتهم أعظم الجرائم وأقبح الجرائر والمراد بالغضب هاهنا غايته وهى الانتقام والتعذيب لان حقيقة الغضب لا تتصور فى حقه تعالى وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا هى ذلة الاغتراب والمسكنة المنتظمة لهم ولاولادهم والذلة التي اختص بها السامري من الانفراد بالناس والابتلاء بلا مساس كما روى ان موسى عليه السلام هم بقتل السامري فاوحى الله اليه لا تقتل السامري فانه سخى ولكن أخرجه من عندك فقال له موسى فاذهب من بيننا مطرودا فان لك فى الحياة اى فى عمرك ان تقول لمن أراد مخالطتك جاهلا بحالك لا مساس اى لا يمسنى أحد ولا أمس أحد او ان مسه أحدهما جميعا فى الوقت وروى ان ذلك موجود فى أولاده الى الآن وإيراد مانالهم فى حيز السين مع مضيه بطريق تغليب حال الأخلاف على حال الاسلاف وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ على الله ولا فرية أعظم من فريتهم هذا إلهكم واله موسى ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ أية سيئة كانت ثُمَّ تابُوا من تلك السيئات مِنْ بَعْدِها اى من بعد عملها وَآمَنُوا ايمانا صحيحا خالصا واشتغلوا بما هو من مقتضياته من الأعمال الصالحة ولم يصروا على ما فعلوا كالطائفة الاولى إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها اى من بعد تلك التوبة