متكبرا عاقا لهما او عاصيا لربه قال فى بحر العلوم الجبار المتكبر وقيل هو الذي يضرب ويقتل على الغضب لا ينظر فى العواقب وقيل هو المتعظم الذي لا يتواضع لامر الله وَسَلامٌ
سلامة من الله تعالى وأمان عَلَيْهِ
على يحيى أصله وسلمنا عليه فى هذه الأحوال وهى أوحش المواطن لكن نقل الى الجملة الاسمية للدلالة على ثبات السلام واستقراره فان وحشتها لا تكاد نزول الا بثبات السلام فيها ودوامه يَوْمَ وُلِدَ
من رحم امه من طعن الشيطان كما يطعن سائر بنى آدم وَيَوْمَ يَمُوتُ
بالموت الطبيعي من هول الموت وما بعده من عذاب القبر وَيَوْمَ يُبْعَثُ
حال كونه حَيًّا
من هول القيامة وعذاب النار وفيه اشارة الى الولادة من أم الطبيعة والموت بالفناء عن مقتضيات الطبيعة فى الله والبعث بالبقاء بعد الفناء وقال ابن ابى عيينة أوحش ما يكون الإنسان فى هذه الأحوال يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلام فى هذه المواطن واعلم ان زكريا اشارة الى الروح الإنساني وامرأته الى الجثة الجسدانية التي هى زوج الروح ويحيى الى القلب وقد استبعد الروح بسبب طول زمان التعلق بالقالب ان يتولد له قلب قابل لفيض الا لوهية بلا واسطة كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن) وهو الفيض الأزلي لم يؤت لواحد من الحيوانات والملائكة كما قال المولى الجامى
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
ثم انه لما بشر بولادة القلب الموصوف بما ذكر طلب آية يهتدى بها الى كيفية حمل القالب العاقر بالقلب الحي الذي حيى بنور الله تعالى قال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى لا تخاطب غير الله ولا تلتفت الى ما سوى الله ثلاث ليال وبها يشير الى مراتب ما سوى الله وهى ثلاث الجمادات والحيوانات والروحانيات فاذا تقرب الى الله تعالى بعدم الالتفات الى ما سواه يتقرب اليه بموهبة الغلام الذي هو القلب الحي بنوره فخرج زكريا الروح من محراب هواه وتبعه على قوم صفات نفسه وقلبه وانانيته فقال كونوا متوجهين الى الله معرضين عما سواه آناء الليل وأطراف النهار بل بكرة الأزل وعشىّ الابد فلما ولد له يحيى القلب قيل له يا يحيى خذ كتاب الفيض الإلهي بقوّة ربانية لا بقوّة انسانية لانه خلق الإنسان ضعيفا وهو عن القوة بمعزل وان الله هو الرزاق ذو القوّة المتين فجاء صاحب علم وحكمة ورحمة وطهارة من الميل الى ما سوى الله واتقاء وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
كالنفس الامارة بالسوء اما بره بوالد الروح فتنويره بنور الفيض الإلهي إذ هو محل قبول الفيض لان الفيض الإلهي وان كان نصيب الروح اولا ولكن لا يمسكه للطافة الروح بل يعبر عنه الفيض ويقبله القلب ويمسكه لان فيه صفاء وكثافة فبالصفاء يقبل الفيض وبالكثافة يمسكه كمالا هى ان الشمس فيضها يقبل الهواء لصفائه ولكن لا يمسكه للطافة الهواء فاما المرة فتقبل فيضها بصفائها وتمسكه لكثافتها وهذا أحد اسرار حمل الامانة التي حملها الإنسان ولم تحملها الملائكة واما برّه بوالدة القالب فباستعمالها على وفق او امر الشرع ونواهيه لينجيها من عذاب القبر ويدخلها الجنة كذا فى التأويلات النجمية باختصار قال بعض الأولياء كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق