قلنا لما تعين طريقا الى كشف الشبهة صار جائزا وفى الاسئلة المقحمة هذا ليس بامر وانما هو للاستهانة بذلك وعدم الاكتراث به لما كان يعلم ان ذلك سبب لظهور الحق وزهوق الباطل فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى الفاء فصيحة وإذا لمفاجأة ظرفية والحبال جمع حبل وهو الرسن والعصى جمع عصا والتخيل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك والخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ثم تستعمل فى صورة كل امر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال وانها تسعى نائب فاعل ليحيل والسعى المشي السريع وهو دون العدو. والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقت ان يخيل اليه سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم: وبالفارسية [پس رسنها وعصاهاى ايشان نموده شد بموسى از جادويى وكيد ايشان كه كويى بدرستى كه آن ميرود ومى شتابد] وذلك انهم كانوا لطخوها بالزنبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه انها تتحرك فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والإيجاس وجود ذلك فى النفس والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف وهى مفعول أوجس وموسى فاعله. والمعنى أضمر موسى فى نفسه بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز عن ضررها المعتاد من اللسع ونحوه كما دل عليه قوله فى نفسه لانه من خطرات النفس لا من القلب وفى الحقيقة ان الله تعالى البس السحر لباس القهر فخاف موسى من قهر الله لا من غيره لانه لا يأمن من مكر الله الا القوم الفاسقون يقول الفقير
چون خدا خواهد شود هر برك خار ... رشته باريك در چشم عين مار
برك لرزان آب ريزان از الم ... چون نمى ترسم ز قهر كردكار
قُلْنا لا تَخَفْ ما توهمت إِنَّكَ اى لانك أَنْتَ الْأَعْلى اى الغالب القاهر لهم ونحن معك فى جميع أحوالك فانك القائم بالمسبب وهم القائمون المعتمدون على الأسباب وايضا معك آياتنا الكبرى وهو لباس حفظنا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان خوف البشرية مركوز فى جبلة الإنسان ولو كان نبيا الى ان ينزع الله الخوف منه انتزاعا ربانيا بقول صمدانى كما قال تعالى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى أعلى درجة من ان تخاف من المخلوقات دون الخالق وفيه معنى آخر ان خوف موسى ما كان من المكونات بل من المكون إذ رأى عصاه ثعبانا تلقف سحر السحرة وقد علم انها صارت مظهر صفة قهارية الحق فخاف من الحق وقهره لا من العصا وثعبانها فلهذا قال تعالى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى لانك أعلى درجة عندنا منها لانها عصاك مصنوعة لنفسك وأنت رسولى وكليمى واصطنعتك لنفسى فان كانت هى مظهر صفة قهرى فانت مظهر صفات لطفى وقهرى كلها وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ اى عصاك والإبهام لتفخيم شأنها والإيذان بانها ليست من جنس العصى المعهودة لانها مستتبعة لآثار غريبة تَلْقَفْ ما صَنَعُوا بالجزم جواب للامر من لقفه كسمعه لقفا بسكون القاف وفتحها إذا ابتلعه والتقمه بسرعة قال فى المفردات لقفت الشيء القفة ولقفته تناولته بالجذب سواء كان تناوله بالفم او باليد