للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الوثني الا الإسلام فان أبى قتل وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ خالصا له ليس للشيطان نصيب فيه فَإِنِ انْتَهَوْا بعد مقاتلتكم عن الشرك فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ اى فلا تعتدوا على المنتهين إذ لا يحسن ان يظلم الا من ظلم فحذف نفس الجزاء وأقيمت علته مقامه والعلة لما كانت مستلزمة للحكم كنى بها عنه كأنه قيل فان انتهوا فلا تعدوا علهم لان العدوان مختص بالظالمين والمنتهون عن الشرك ليسوا بظالمين فلا عدوان عليهم وسمى ما يفعل بالكفار عدوانا وظلما وهو فى نفسه حق وعدل لكونه جزاء الظلم للمشاركة كقوله تعالى جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ الشَّهْرُ الْحَرامُ يقابل بِالشَّهْرِ الْحَرامِ فى هتك الحرمة حيث صدهم المشركون عام الحديبية في ذى القعدة وكان بين القوم ترامى بسهام وحجارة واتفق خروجهم لعمرة القضاء فيه سنة سبع من الهجرة وكرهوا ان يقاتلوهم لحرمته فنزلت هذه الآية وقيل لهم هذا الشهر الحرام بذلك الشهر وهتكه بهتكه فلا تبالوا به وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ يعنى من هتك حرمة أي حرمة كانت من حرمة الشهر وحرمة الإحرام وحرمة الحرم اقتص منه فان مراعاة هذه الحرمات انما تجب في حق من يراعيها واما من هتكها فانه يقتص منه ويعامل معه بمثل فعله والأوضح ان المراد بالحرمات كل حرمة وهي ما يجب المحافظة عليه نفسا كان او عرضا يجرى فيها القصاص فلما هتكوا حرمة شهركم بالصد وهو عين التعرض للقتال فافعلوا بهم مثله وادخلوا عليهم عنوة اى قهرا وغلبة فان منعوكم في هذه السنة عن قضاء العمرة بالمقاتلة ونحوها فاقتلوهم كما قال تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ اى تجاوز بقتالكم في الشهر الحرام فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ اى بعقوبة مماثلة لجناية اعتدائه وهذا اعتداء على سبيل القصاص وهو اعتداء مأذون فيه لا على سبيل الابتداء فانه ظلم حرام وهو المراد بقوله تعالى فلا تعتدوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إذا انتصرتم ممن ظلمكم فلا تظلموهم بأخذ اكثر من حقكم ولا تعتدوا الى ما لم يرخص لكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ والمعية وهي القرب المعنوي تدل على انه تعالى يحرسهم ويصلح شؤونهم بالنصر والتمكين- روى- انه عليه السلام وأصحابه دخلوا ذلك العام مكة وطافوا بالبيت ونحروا الهدى وكان المشركون شرطوا له بعد قضاء العمرة الاقامة بمكة ثلاثا وكان النبي عليه السلام تزوج ميمونة بنت الحارث فاحب المقام بمكة ليولم عليها فطالبوه بالخروج منها والوفاء بما عاهد ففعل وأولم على ميمونة وبنى بها بسرف واعلم ان الله تعالى أمرنا بالغزو فى سبيله ليظهر من يدعى بذل الوجود في سبيل الله وأمرنا بالزكاة ببذل المال ليتبين من يدعى محبة الله فالغزو معيار المحبة الإلهية لان كل انسان جبل على حب الحياة والمال فامتحن بالغزو والزكاة في سبيل الله قطعا لدعوى المدعين لان الكل يدعى محبة الله وهذا هو السر في الجهاد ولهذا قال سيدنا على رضي الله تعالى عنه خير الخصال في الفتى الشجاعة والسخاوة وهما توأمان فكل شجيع سخى وعن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما الإسلام قال (طيب الكلام واطعام الطعام وافشاء السلام) قيل فأى المسلمون أفضل قال (من سلم الناس من لسانه ويده) قيل فأى الصلاة أفضل قال (طول القيام) قيل فأى الصدقة أفضل قال (جهد من مقل) قيل فأى الايمان أفضل قال (الصبر والسماحة)

<<  <  ج: ص:  >  >>