لقاءه ويقال إذا أراد الله ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدري وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبي آخى بين رجلين فقتل أحدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام ما قلتم قالوا دعونا الله ان يعفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبي عليه السلام فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله او قال صيامه بعد صيامه لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والأرض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم إذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأنوار وقدمت بين أيديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه إذا جمع الله الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال وامتازوا اليوم ايها المجرمون فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازي قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والناج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى الله فى طاعة الله تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع (قال الشيخ سعدى)
سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بخجلت نكون
ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت برآيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى بسبب الحق ولاجل ظهوره وحقيقته بالأمر الايجادى والتجلي الحيي الاحدى فما من ذرة من ذرات العالم الا والله سبحانه متجل فيها بأسمائه وصفاته لكنه لا يشاهده الا أهل الشهود وبظهور هذا الحق والوجود زهق الباطل والعدم وعليه يدور سر قوله تعالى ثم استوى على العرش فان الله متعال عن الاستواء بنفسه كما يقول الظالمون وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ من خير وشر عطف على بالحق لان فيه معنى التعليل لان الباء للسببيه وبيانه ان الحكمة فى خلق العالم هو الجزاء إذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوى المطيع والعاصي فالجزاء مترتب على الطاعة والعصيان وهما موقوفان على وجود العالم إذ التكليف لا يحصل الا فى هذه الدار وقد سبق فى سورة الدخان عند قوله تعالى وما خلقنا السموات الآية وَهُمْ اى النفوس المدلول عليها بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب المحسن وزيادة عقاب