الله عليه وسلم وبما جاءهم به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ تخصيصهما بالذكر مع اندراجهما في الصالحات لا نافتهما على سائر الأعمال الصالحة لَهُمْ أَجْرُهُمْ الموعود لهم حال كونه عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من مكروه آت وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من محبوب فات واعلم ان آكل الربا لحرصه على الدنيا مثله كمثل من به جوع الكلب فيأكل ولا يشبع حتى ينتفخ بطنه ويثقل عليه فكلما يقوم يصرعه ثقل بطنه فكذا حال اهل الربا يوم القيامة: ونعم ما قيل
فالعاقل لا يأكل ما لا يتحمله في الدنيا والآخرة فطوبى لمن يقتصد في أخذ الدنيا ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها وهو مثل التاجر الذي يكسب المال بطريق البيع والشراء ويؤدى حقه وان كان له حرص في الطلب والجمع ولكن لما كان بامر الشرع وطريق الحل ولا يمنع ذا الحق حقه ما اضربه كما أضرّ بآكل الربا- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والواشمة والمستوشمة والمصور قال عليه السلام (الربا بضع وسبعون بابا أدناها كأتيان الرجل أمه) يعنى كالزنى بامه والعياذ بالله فمن سمع هذا القول العظيم فليبادر بالتوبة الى باب المولى الكريم ذلك لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. ومن اقرض شيأ بشرط ان يرد عليه أفضل فهو قرض جر منفعة وكل قرض جر منفعة فهو ربا وكان لابى حنيفة رحمه الله على رجل الف درهم سود فرد عليه الف درهم بيض فقال ابو حنيفة لا أريد هذا الأبيض بدل دراهمى فاخاف ان يكون هذا البياض ربا فرده وأخذ مثل دراهمه قال ابو بكر لقيت أبا خنيفة على باب رجل وكان يقرع الباب ثم يتنحى ويقوم في الشمس فسألته عنه فقال ان لى على صاحبه دينا وقد نهى عن قرض جر منفعة فلا انتفع بظل حائطه ويقرب منه ما روى عن ابى يزيد البسطامي قدس سره من انه اشترى من همذان حب القرطم ففضل منه شىء فلما رجع الى بسطام رأى فيه نملتين فرجع الى همذان ووضع النملتين فهذا هو الورع وكمال التقوى ومثل هذا لا يوجد في هذا الزمان وان وجد فاقل من القليل واكثر الناس ولو كانوا صوفية لا يفرقون بين الحلال والحرام والشبهات ولذا ترى امر الدين صار مهملا وعاد غريبا هدانا الله وإياكم الى سواء الطريق انه ولى التوفيق: قال جلال الدين الرومي
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ اى قوا أنفسكم عقابه وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا اى واتركوا تركا كليا ما بقي لكم غير مقبوض من مال الربا على من عاملتموه به إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ على الحقيقة فان ذلك مستلزم لامتثال ما أمرتم به البتة- روى- انه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فنزلت فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا اى ما أمرتم به من الاتقاء وترك البقايا اما مع انكار حرمته واما مع الاعتراف بها فَأْذَنُوا اى فاعلموا من اذن بالأمر إذ اعلم به بِحَرْبٍ اى بنوع من الحرب عظيم لا يقادر قدره