الثرى التراب الندى اى الرطب والأرض كما فى القاموس ويجوز الحمل على كليهما فى هذا المقام فان ظاهر الأرض تراب جاف وما هو أسفل منه تراب مبتل فان قلت الثرى إذا كان محمولا على السطح الأخير من العالم فما الذي تحته حتى يكون الله تعالى مالكا له قلت هو اما الثور او الحوت او الصخرة او البحر او الهواء على اختلاف الروايات وقال بعضهم أراد الثرى الذي تحت الصخرة التي عليها الثور الذي تحت الأرض ولا يعلم ما تحت الثرى الا الله تعالى كما لا يعلم أحد ما فوق السدرة الا هو اى الذي هو التراب الرطب مقدار خمسمائة عام تحت الأرض ولولا ذلك لا خرقت النار الدنيا وما فيها كما فى انسان العيون قال الكاشفى [زمين بر دوش فرشته ايست وقدمين فرشته بر صخره ايست وصخره بر شاخ كاوى وقوائم كاو بر پشت ماهى از حوض كوثر وماهى ثابت است بر بحر وبحر بر جهنم مبنى بر ريح وريح بر حجابى از ظلمت وآن حجاب بر ثرى وعلم اهل آسمان وزمين تا ثرى بيش نرسد وما تحت الثرى جز حق سبحانه نداند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرضين على ظهر النون والنون على بحر ورأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهى الصخرة المذكورة فى سورة لقمان فى قوله فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى لا يعلمه الا الله تعالى وذلك الثور فاتح فاه فاذا جعل الله البحار بحرا واحدا سالت فى جوفه فاذا وقعت فى جوفه يبست ذكره البغوي وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ اى ان تعلن بذكره تعالى ودعائه فاعلم انه تعالى غنى عن جهرك واعلانك فَإِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى يقال فلان يحسن الى الفقراء لا يراد حال ولا استقبال وانما يراد وجود الإحسان منه فى جميع الازمنة والأوقات ومنه قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى علمهما منه مستمر دائم وذلك ان علمه تعالى منزه عن الزمان كما هو منزه عن المكان باسره فالتغيير على المعلوم لا على العلم عندنا والسر واحد الاسرار وهو ما يكتم ومنه اسرّ الحديث إذا أخفاه وتنكيرا خفى للمبالغة فى الخفاء اى يعلم ما أسررته الى غيرك وشيأ أخفى من ذلك وهو ما اخطرته ببالك من غير ان تتفوّه به أصلا وما أسررته فى نفسك وأخفى منه وهو ما ستسره فيما سيأتى اى ما يلقيه الله فى قلبك من بعد ولا تعلم انك ستحدث به نفسك وهذا اما نهى عن الجهر كقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ واما ارشاد للعباد الى ان الجهر ليس لاسماعه بل لغرض آخر من تصور النفس بالذكر ورسوخه فيها ومنعها من الاشتغال بغيره وقطع الوسوسة عنها وهضمها بالتضرع والجؤار وإيقاظ الغير ونشر البركات الى مدى صوته وتكثير إشهاد ونحو ذلك وجاء انه عليه السلام لما توجه الى خيبر اشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله اكبر لا اله الا الله فقال عليه السلام (اربعوا على أنفسكم) اى ارفقوا بأنفسكم لا تبالغوا فى رفع أصواتكم (انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم) ويحتاج الى الجمع بين هذا امره عليه السلام برفع الأصوات بالتلبية وقد يقال المنهي عنه هنا الرفع الخارج عن العادة الذي ربما آذى بدليل قوله عليه السلام