عن سفساف الأخلاق حتى يتخلص من قهر القهار الخلاق ألا ترى ان المؤمنين نظروا الى النبي عليه السلام بعين التعظيم وبدلوا الكبر بالتواضع والفناء ودخلوا فى الاستسلام فاستسعدوا لسعادة الدارين واما الكفرة فعتوا عتوا كبيرا فاستأصلهم الله من حيث لا يحتسبون فشقوا شقاوة ابدية وهكذا حال سائر المؤمنين والمنكرين الى يوم القيامة فان الأولياء ورثة الرسول عليه السلام والمعاملة معهم كالمعاملة معه: قال الكمال الخجندي
مقربان خدااند وارثان رسول ... تو از خداى چنين دور واز رسولى چيست
أَفَمَنْ [آيا كسى كه] فمن موصولة مرفوعة المحل على الابتداء والخبر محذوف والاستفهام بمعنى النفي اى أفالله الذي هُوَ قائِمٌ رقيب عَلى كُلِّ نَفْسٍ صالحة او طالحة بِما كَسَبَتْ
من خير وشر يحفظه عليها فيجازيها به يعنى ان أراد المجازاة ولم يغفر كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وهذا كقوله أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ اى لا يكون من هو قائم على كل نفس يعلم خيرها وشرها ويجازيها على حسب ذلك كمن ليس بقائم على شىء متناه فى العجز والضعف والجهل ومعنى القيام التولي لامور خلقه والتدبير للارزاق والآجال وإحصاء الأعمال للجزاء يقال قام فلان إذا كفاه وتولاه وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ اى الأصنام وهو استئناف يعنى ان الكفار سووا بين الله وبين الأصنام واتخذوها شركاء له فى العبادة وانما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء فى القيام على كل نفس فما اعجب كفرهم واشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفات بينهما اى تعجبوا من ذلك قُلْ سَمُّوهُمْ بينوا شركاءكم بأسمائهم وصفوهم بصفاتهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة يشير الى ان الأسماء مأخذها من الصفات فان لم تروا منهم شيأ من صفات الله فكيف تسمونهم كما قال الكاشفى [مراد آنست كه حق را حى وقادر وخالق ورزاق وسميع وبصير وعليم وحكيم ميگويند واطلاق هيچ يك ازين اسما بر أصنام نمى تواند كرد] قال فى بحر العلوم قوله قُلْ سَمُّوهُمْ من فن الكناية وذلك لان معنى سموهم عينوا أساميهم ولما كان تعيين الشيء بالاسم من لوازم وجوده جعل عدم التعيين كناية عن عدم وجود الشيء يعنى ليس لهم عندنا اسام يستحقون بها العبادة وان كانت عندكم فسموهم بها وانظروا هل يستحقون بها ولما لم تكن لهم عندهم ايضا اسام تقتضى استحقاق العبادة لم يستحقوها ولم يتحقق لهم العبادة والشركة أَمْ تُنَبِّئُونَهُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة الانكارية اى بل أتخبرون الله تعالى بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ اى بما لا وجود له ولا علم الله متعلق بوجوده وهو الشركاء المستحقون للعبادة وهو نفى للملزوم بنفي اللازم بطريق الكناية اى لا شريك له ولا علم إذ لو كان الشريك موجودا لكان معلوما لله تعالى لان علم الله لازم لوجود الشيء والا يلزم جهله تعالى الله عن ذلك فاذا لم يكن وجوده معلوما له وجب ان لا يكون موجودا لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء ملزومه قال فى بحر العلوم أَمْ تُنَبِّئُونَهُ إضراب عن ذكر تسميتهم وتعيين أساميهم الى ذكر تنبئتهم ومعنى الهمزة فى أم الإنكار بمعنى ما كان ينبغى او لا ينبغى ان يكون ذلك وفى التبيان تأويل الآية فان سموهم بصفات الله فقل أتنبئونه بما لا يعلم