فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثيرا من القرون التي كانوا أفضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود واضرابهم من الأمم العاتية قبل هؤلاء اى كفار قريش أهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء ايضا مثل ذلك قال الكاشفى [نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت]
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الإنكار واهل العزة بالله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ من الحقائق والاسرار قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق بالإنكار والاستهزاء لِلَّذِينَ آمَنُوا من اهل التحقيق إذا رأوهم مرتاضين مجاهدين مع أنفسهم متحملين متواضعين متذللين متخاشعين وهم متنعمون متمولون متكبرون متبعوا شهوات أنفسهم ضاحكون مستبشرون أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ منا ومنكم خَيْرٌ مَقاماً منزلة ومرتبة فى الدنيا ووجاهة عند الناس وتوسعا فى المعيشة وَأَحْسَنُ نَدِيًّا مجلسا ومنصبا وحكما فقال تعالى فى جوابهم وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ اى أهلكناهم بحب الدنيا ونعيمها إذا غرفناهم فى بحر شهواتها واستيفاء لذاتها والتعزز بمناصبها هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً استعدادا واستحقاقا فى الكمالات الدينية منكم كما قال عليه السلام (خياركم فى الإسلام خياركم فى الجاهلية إذا فقهوا) قُلْ للمفتخرين بالمال والمنال مَنْ شرطية والمعنى بالفارسية [هر كه] كانَ مستقرا فِي الضَّلالَةِ [در گمراهى ودر دورى از راه حق] مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى يمد له ويمهله بطول العمر وأعطاه المال والتمكين من التصرفات وإخراجه على صيغة الأمر للايذان بان ذلك مما ينبغى ان يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير او للاستدراج واعتبار الاستقرار فى الضلالة لما ان المد لا يكون الا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله والتعرض لعنوان الرحمانية لما ان المد من احكام الرحمة الدنيوية قال شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى فليستدرجه الرحمن استدراجا بمد عمرة وتوسيع ماله وتكثير ولده او فليمهله الرحمن امهالا بمد راحته على الطغيان وإيصال نعمته على وجه الإحسان حتى يقع فى العقاب والعذاب على سبيل التدريج لا التعجيل فيكون عقابه وعذابه أكمل وأشمل اثرا والما لان الاخذ على طريق التدريج والنعمة أشد منه على طريق التعجيل والنقمة مع ان مبدأ المد مطلقا هو الرحمن دون القهار او الجبار لان كلا منهما مبدأ الشدة ولذلك عبربه لا بغيره هذا هو الخاطر ببالي فى وجه التعبير بالرحمن وان كانت أشدية عقاب الرحمن وجها لكن وجه أشدية عقابه ما ذكرنا لانه إذا أراد العقاب يأتى به على وجه الرحمة والنعمة فيكون كدرا بعد الصفاء والما بعد الراحة وشدة بعد الرخاء فهذا أقوى اثرا والحاصل لا يتصور وقوع المد المذكور الا من الرحمن لانه أصله ومنشأه انتهى كلامه روح الله روحه حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ [تا وقتى كه ببينند آنچهـ بيم كرده شده اند بدان] غاية للمد الممتد وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين الأولين باعتبار لفظها إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ