على أنهم كانوا يرغبون إلينا ويشتاقون فيستأذ فيؤذن فى النزول إلينا فيؤذن لهم فان قيل كيف يرغبو إلينا مع علمهم بكثرة ذنوبنا قلنا لا يقفون على تفصيل المعاصي روى أنهم يطالعون اللوح فيرون فيه طاعة المكلف مفصلة فاذا وصلوا الى معاصيه ارخى الستر فلا يرونه فحينئذ يقولون سبحان من اظهر الجميل وستر القبيح ولأنهم يرون فى الأرض من انواع الطاعات أشياء ما رأوها فى عالم السموات كأطعام الطعام وانين العصاة وفى الحديث القدسي لأنين المذنبين أحب الى من زجل المسبحين فيقولون تعالوا نذهب الى الأرض فنسمع صوتا هو أحب الى ربنا من صوت نسبيحنا وكيف لا يكون أحب وزجل المسبحين اظهار لكمال حال المطيعين وانين العصاة اظهار لغفارية رب العالمين
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق بتنزل ايضا اى من أجل كل امر قدر فى تلك السنة من خير او شر او بكل امر من الخير والبركة كقوله تعالى يحفظونه من امر الله اى بامر الله قيل يقسم جبرائيل فى تلك الليلة بقية الرحمة فى دار الحرب على من علم الله أنه يموت مسلما فبتلك الرحمة التي قسمت عليهم ليلة القدر يسلمون ويموتون مسلمين فان قيل المقدرات لا تفعل فى تلك الليلة بل فى تمام السنة فلماذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الأمور قيل لعل تنزلهم لتعين إنفاذ تلك الأمور وتنزلهم لأجل كل امر ليس تنزل كل واحد لاجل كل امر بل ينزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون فى الكلام تقسيم العلل على المعلولات سَلامٌ هِيَ تقديم الخبر لأفادة الحصر مثل تميمى انا اى ما هى الا سلامة اى لا يحدث فيها داء ولا شىء من الشرور والآفات كالرياح والصواعق ونحو ذلك مما يخاف منه بل كل ما ينزل فى هذه الليلة انما هو سلامة ونفع وخير ولا يستطيع الشيطان فيها سوأ ولا ينفذ فيها سحر ساحر والليلة ليست نفس السلامة بل ظرف لها ومع ذلك وصفت بالسلامة للمبالغة فى اشتمالها عليها وعلم منه أنه يقضى فى غير ليلة القدر كل من السلامة والبلاء يعنى يتعلق قضاء الله بهما او ماهى الإسلام لكثرة ما يسلمون فيها على المؤمنين ومن أصابته التسليمة غفر له ذنبه وفى الحديث ينزل جبرائيل ليلة القدر فى كبكبة من الملائكة اى جماعة متضامة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم او قاعد بذكر الله حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ اى وقت طلوعه قدر المضاف لنكون الغاية من جنس المغيا فمطلع بفتح اللام مصدر ميمى ومن قرأ بكسر اللام جعله اسما لوقت الطلوع اى اسم زمان وحتى متعلقة بتنزل على أنها غاية لحكم التنزل اى لمكثهم فى تنزلهم او لنفس تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجا بعد فوج الى طلوع الفجر وقال بعضهم ليلة القدر من غروب الشمس الى طلوع الفجر سلام اى يسلم فيها الملائكة على المطيعين الى وقت طلوع الفجر ثم يصعدون الى السماء فحتى متعلقة بسلام قالوا علامة ليلة القدر انها ليلة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها لأن الملائكة تصعد عند طلوع الشمس الى السماء فيمنع صعودها انتشار شعاعها لكثرة الملائكة