وأهوالها ولا يصونها عما لا يصون عنه نفسه بل يكابدوا معه ما يكابده فانه لا ينبغى ان يختاروا لانفسهم الخفض والدعة ورغد العيش ورسول الله فى الحر والمشقة قال الحدادي لا ينبغى ان يكونوا بانفسهم آثر واشفق عن نفس محمد صلى الله عليه وسلم بل عليهم ان يجعلوا أنفسهم وقاية للنبى عليه السلام لما وجب له من الحقوق عليهم بدعائه لهم الى الايمان حتى اهتدوا به ونجوا من النار ذلِكَ اى وجوب المتابعة فان النهى عن التخلف امر بضده الذي هو الأمر بالمتابعة والمشايعة بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم إذا كانوا معه عليه السلام لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ اى عطش يسير وَلا نَصَبٌ ولا تعب ما فى أبدانهم وَلا مَخْمَصَةٌ اى مجاعة ما فِي سَبِيلِ اللَّهِ وإعلاء كلمته وَلا يَطَؤُنَ ولا يدوسون بأرجلهم وحوافر خيولهم واخفاف رواحلهم مَوْطِئاً دوسا فهو مصدر كالموعد او مكانا على ان يكون مفعولا يَغِيظُ الْكُفَّارَ [بخشم آرد كافرانرا] اى لا يبلغون موضيعا من أراضي الكفار من سهل او جبل يغيظ قلوبهم مجاوزة ذلك الموضع فان الإنسان يغيظه ان يطأ ارضه غيره والغيظ انقباض الطبع برؤية ما يسوءه والغضب قوة طلب الانتقام وَلا يَنالُونَ [ونيابند] فان النيل بالفارسية [يافتن] مِنْ عَدُوٍّ من قبلهم نَيْلًا بمعنى الميل على ان يكون مفعولا به اى أي آفة محنة كالقتل والاسر والهزيمة والخوف إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ اى بكل واحد من الأمور المعدودة. قوله الا كتب فى محل النصب على انه حال من ظمأ وما عطف عليه اى لا يصيبهم ظمأ ولا كذا ولا كذا فى حال من الأحوال الا فى حال كونه مكتوبا لهم بذلك عَمَلٌ صالِحٌ وحسنة مقبولة اى استوجبوا به الثواب الجزيل وقال الكاشفى يعنى [بهر يك أزينها كه بديها رسد مستحق ثواب شوند اين عباس كويد بهر ترسى كه از دشمن بدل ايشان رسد هفتاد درجه مى نويسند] هذا ما يدل عليه عامة التفاسير وقال ابن الشيخ فى حواشيه يقال نال منه إذا ازراه ونقصه وصرح بنيل شىء مما يتأذى الكفار من نيله وهذا المعنى غير المعنى الاول كما لا يخفى إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم وهو تعليل لكتب وتنبيه على ان الجهاد احسان اما فى حق الكفار فلانه سعى فى تكميلهم بأقصى ما يمكن كضرب المداوي للمجنون
سفيهانرا بود تأديب نافع ... جنونرا شربت چوبست دافع
واما فى حق المؤمنين فلانه صيانة لهم من سطوة الكفار واستيلائهم وَلا يُنْفِقُونَ فى الجهاد نَفَقَةً صَغِيرَةً [نفقه اندك] ولو تمرة او علافة سوط او نعل فرس وَلا كَبِيرَةً [ونه نفقه بزرگ] مثل ما أنفق عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهما فى جيش العسرة وقد سبق عند قوله تعالى الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ الآية فى هذه السورة وَلا يَقْطَعُونَ اى لا يجتازون فى مسيرهم الى ارض الكفار مقبلين ومدبرين وادِياً من الاودية وهو فى الأصل كل منفرج من الجبال والآكام ينفذ فيه المسيل اسم فاعل من ودى يدى إذا سال ثم شاع فى الأرض على الإطلاق إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ اى اثبت لهم فى صحائفهم ذلك الذي فعلوه من الانفاق والقطع لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ بذلك متعلق بكتب أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ