للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى مِنْ وَلِيٍّ يتولى أمرهم وينصرهم استقلالا ومن الاولى متعلقة بولي على الحال والثانية للاستغراق كأنه قيل ما لهم من دونه ولى ما وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً اى لا يجعل الله تعالى أحدا من الموجودات العلوية والسفلية شريكا لذاته العالية فى قضائه الأزلي الى الابد لعزته وغناه قال الامام المعنى انه تعالى لما حكى ان لبثهم هو هذا المقدار فليس لاحد ان يقول بخلافه انتهى قال بعض الكبار هذه الأمور المدبرة المنزلة بين السموات والأرض الجارية الحادثة فى الواقع الظاهرة على أيدي مظاهرها وأسبابها فى الخارج فى الليل والنهار هى الأمور المحكمة المحفوظة من تبديل غير الحق تعالى وتغييره لانها المقادير التي قدرها ودبرها واحكم صنعها ولا قدرة لاحد غيره على محو ما أثبته واثبات ما محاه يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وليس لغيره كائنا من كان غير التسليم والرضى إذ ليس بشريك له تعالى فى حكمه وفى الحديث القدسي (قدرت المقادير ودبرت التدبير وأحكمت الصنع فمن رضى فله الرضى منى حتى يلقانى ومن سخط فله السخط منى حتى يلقانى) : قال الحافظ

رضا بداده بده وزجبين كره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست

وقال

در دائره قسمت ما نطقه تسليميم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى

يعنى ليس للعبد اعتراض على المولى فى حكمه وامره وانما له التسليم والرضى وترك التدبير كما قال بعض الكبار عن لسان الحق تعالى يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله وهذا مقال عال لم يصل اليه الا افراد الرجال الذين رفعوا منازعة النفس من البين ومشوا بالتسليم والرضى فى كل اين يا رجل اين هم فى هذا الزمان وكيف تبين حالهم للانسان فاجتهد لعلك تظفر بواحد منهم حتى تكون ممن رضى الله عنهم وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ اى القرآن للتقرب الى الله تعالى بتلاوته والعمل بموجبه والاطلاع على أسراره ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله والفرق بين التلاوة والقراءة ان التلاوة قراءة القرآن متابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة أعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ لا قادر على تبديله وتغييره غيره تعالى كقوله وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ فهو عام مخصوص فافهم وَلَنْ تَجِدَ ابد الدهر وان بالغت فى الطلب مِنْ دُونِهِ تعالى مُلْتَحَداً ملتجأ تعدل اليه عند نزول بلية وقال الشيخ فى تفسيره ولن تجد من دون عذابه ملتجأ تلجأ اليه ان هممت بذلك التبديل فرضا انتهى واعلم ان القرآن لا يتبدل ابدا ولا يتغير بالزيادة والنقصان سرمدا وكذا أحكامه لانه محفوظ فى الصدور بنظمه ومعانيه وانما يتبدل اهله بتبدل الاعصار فيعود العلم والعمل الى الجهل والترك نعوذ بالله تعالى قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى أنفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم

كر همه علم عالمت باشد ... بي عمل ومدعى وكذابى

<<  <  ج: ص:  >  >>