وقال يوشع عليه السلام (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ) وقال موسى عليه السلام (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ومنها ليعلم انه ما بلغ مقام الرجال البالغين الا بالصبر على البلوى وتفويض الأمور الى المولى ولرضى بما يجرى عليه من القضاء انتهى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ الركض الضرب والدفع القوى بالرجل فمتى نسب الى الراكب فهو إغراء مركوبه وحثه للعدو نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشي فوطئ الأرض كما فى الآية كذا قاله الراغب. والرجل القدم او من اصل الفخذ الى رؤس الأصابع. والمعنى إذ نادى فقلنا له على لسان جبريل عليه السلام حين انقضاء مدة بلائه اركض برجلك اى اضرب بها الأرض: وبالفارسية [بزن پاى خود را بزمين] وهى ارض الجابية بلد فى الشام من أقطاع ابى تمام فضربها فنبعت عين فقلنا له هذا [اين چشمه] مُغْتَسَلٌ بارِدٌ تغتسل به وقال الكاشفى [جاى غسل كردنست يا آبيست كه بدان غسل كنند] أشار الى ان المغتسل هو الموضع الذي يغتسل فيه والماء الذي يغتسل به والاغتسال غسل البدن وغسلت الشيء غسلا أسلت عليه الماء فازلت درنه وَشَرابٌ تشرب منه فيبرأ باطنك. والشراب هو ما يشرب ويتناول من كل مائع ماء كان او غيره والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف وقال بعض الكبار هذا مغتسل به اى ماء يغتسل به وموضعه وزمانه بارد يبرد حرارة الظاهر وشراب يبرد حرارة الباطن يعنى انما كان الماء باردا لما كان عليه من افراط حرارة الألم فسكن الله افراطها الزائد المهلك ببرد الماء وأبقى الحرارة النافعة للانسان وفى كلام الشيخ الشهير بافتاده البرسوى قدس سره ان المراد بالماء فى هذه الآية صورة احياء الله تعالى وهو المراد بماء المطر ايضا فيما روى انه إذا كان يوم القيامة ينزل المطر على الأموات أربعين سنة فيظهرون من الأرض كالنبات انتهى فاغتسل أيوب عليه السلام من ذلك الماء وشرب فذهب ما به من الداء من ظاهره وباطنه فان الله تعالى إذا نظر الى العبد بنظر الرضى يبدل مرضه بالشفاء وشدته بالرخاء وجفاءه بالوفاء فقام صحيحا وكسى حلة وعاد اليه جماله وشبابه احسن ما كان قال ابن عباس رضى الله عنهما مكث فى البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة ايام وسبع ساعات لم يغمض فيهن ولم ينقلب من جنب الى جنب كما فى زهرة الرياض قال حضرة الشيخ بالى الصوفي فى شرح الفصوص الاشارة فيه ان الله تعالى امر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لازالة ألم البدن فهو امر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج ماء الحياة وهو العلم بالله من ارض وجودنا لازالة امراض أرواحنا وهى الحجب المبعدة عن الحق ثم قال وفى هذه الآية سر لطيف وهو ان السالكين مسلك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا فى منزل وذكروا الله كثيرا با على صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أية حركة كانت وكانت نيتهم بذلك ازالة الألم الروحاني جاز منهم ذلك إذا ضرب الرجل الصورية على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل الى الحقيقة إذ ما من حكم شرعى إلا وله حقيقة توصل عامله الى حقيقته انتهى كلامه قال بعض العلماء بالله ارتفاع الأصوات فى بيوت العبادات بحسن النيات وصفاء الطويات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات حتى قال