بناز زيستن. وفيه اشارة الى ان متعلق الذم ليس نفس النعمة والرزق بل التنعم بهما كان قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه حين بعثه الى اليمن واليا إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بالمتنعمين وفيه تسلية للفقرآء فانهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام وَمَهِّلْهُمْ التمهيل زمان دادن. والمهل التؤدة والسكون يقال مهل فى فعله وعمل فى مهلة قَلِيلًا اى زمانا قليلا وأجلهم أجلا يسيرا ولا تعجل فان الله سيعذبهم فى الآخرة إذ عمر الدنيا قليل وكل آت قريب ويدل على هذا المعنى ما بعد الآية من بيان عذاب الآخرة وقال الطبري كان بين نزول هذه الآية ووقعة بدر زمان يسير ولذا قيل انها مدنية إِنَّ لَدَيْنا فى الآخرة وفيما هيأناه للعصاة من آلات العذاب وأسبابه وهو اولى من قول بعضهم فى علمنا وتقديرنا لان المقام مقام تهديد العصاة فوجود آلات العذاب بالفعل أشد تأثيرا على ان تلك الآلات صور الأعمال القبيحة ولا شك ان معاصرى النبي عليه السلام من الكفار قد قدموا تلك الآلات بما فعلوا من السيئات أَنْكالًا قيودا ثقالا يقيد بها ارجل المجرمين اهانة لهم وتعذيبا لا خوفا من فرارهم جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل والجملة تعليل للامر من حيث ان تعداد ما عنده من اسباب التعذيب الشديد فى حكم بيان اقتداره على الانتقام منهم فهم يتنعمون فى الدنيا ولا يبالون وعند الله العزيز المنتقم فى الآخرة امور مضادة لتنعمهم وَجَحِيماً وبالفارسية وآتشى عظيم. وهى كل نار عظيمة فى مهواة وفى الكشاف هى النار الشديدة الحر والاتقاد وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ هو ما ينشب فى الحلق ويعلق من عظم وغيره فلا ينساغ اى طعاما غير سائغ يأخذ بالحلق لا هو نازل ولا هو خارج كالضريع والزقوم وهما فى الدنيا من النباتات والأشجار سمان قاتلان للحيوان الذي يأكلهما مستكرهان عند الناس فما ظنك بضريع جهنم وزقومها وهو فى مقابلة الهنيء والمريء لاهل الجنة وانما ابتلوا بهما لانهم أكلوا نعمة الله وكفروا بها وَعَذاباً أَلِيماً ونوعا آخر من العذاب مؤلما لا يقادر قدره ولا يدرك كنهه كما يدل عليه التنكير كل ذلك معدلهم ومرصد فالمراد بالعذاب سائر انواع العذاب جاء فى التفسير انه لما نزلت هذه الاية خر النبي عليه السلام مغشيا عليه وعن الحسن البصري قدس سره انه امسى صائما فاتى بطعام فعرضت له هذه، الآية فقال ارفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال ارفعه وكذلك الثالثة فأخبر ثابت البناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء فجاؤا فلم يزالوا حتى شرب شربة من سويق. اعلم ان اصناف العذاب الروحاني فى الآخرة ثلاثة حرقة فرقة المشتهيات وخزى خجلة الفاضحات وحسرة فوت المحبوبات ثم ينتهى الأمر الى مقاساة النار الجسمانية الحسية والخزي الذل والحقارة والخجلة التحير من الحياء والفاضح الكاشف عيب المجرم يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ظرف للاستقرار الذي تعلق به لدينا والرجفة الزلزلة والزعزعة الشديدة اى تضطرب وتتزلزل بهيبة الله وجلاله ليكون علامة لمجيئ القيامة وامارة لجريان حكم الله فى مؤاخذة العاصين أفرد الجبال بالذكر مع كونها من الأرض