وغاية له باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض. والمعنى أنبت حب الخير عن ذكر ربى واستمر ذلك حتى توارت اى غربت الشمس تشبيها لغروبها فى مغربها بتوارى الجارية المخبأة بحجابها اى المستترة بخبائها وخدرها وقيل الضمير فى توارت للصافنات اى حتى توارت بحجاب الليل اى بظلامه لان ظلام الليل يستر كل شىء رُدُّوها عَلَيَّ من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى أعيدوا تلك الخيل على فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الامتثال بالأمر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى أخذ وشرع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الأغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح إمرار اليد على الشيء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر أعلى الرأس او العنق قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل. والأعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والباء مزيدة كما فى قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد. والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها وأعناقها اى يقطع أعناقها ويعرقب ارجلها اى هو وأصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد وفى الآية اشارة الى ان حب غير الله شاغل عن الله وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى الله إذا حجبك عن الله لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف نفى لا اله الا الله
«لا» نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش در كشيده بكام
هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... از من وما نه بوى ماند ونه رنك
وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر بإحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا أجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما أجريها وأحبها لامر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى تورات بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفق يمسح سوقها وأعناقها اى بيده حبالها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان فى قهر الأعداء وإعلاء الدين وهو قول الزهري وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو أحق بالقبول عند اولى الافهام وفى الفتوحات المكية معنى الآية أحببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده