الا بحكم الإرث لمن ورثه من الأنبياء عليهم السلام ولذلك لم يقدر من هو وارث عيسى عليه السلام ان يمشى في الهولء والماء ومن هو وارث لمحمد عليه السلام له المشي على الهولء والماء لعموم مقامه وفي الحديث لو ازداد عيسى يقينا لمشى في الهولء اى بموجب قوة يقينية لا بموجب صدق اتباعى ولا نشك ان عيسى عليه السلام أقوى يقينا من سائر الأولياء الذين يمشون في الهولء بما لا يتقارب فانه من اولى العزم من الرسل فعلمنا قطعا ان مشى الولي منا فى الهولء انما هو بحكم صدق التبعية لا بزيادة اليقين على يقين عيسى عليه السلام وعيسى اصدق في تبعيته لمحمد عليه السلام من جميع الأولياء فله القدرة بذلك على المشي على الهولء وان ترك ذلك من نفسه وبالجملة فلا يمشى في الهولء الا من ترك الهوى
هوى وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سر پنجه عقل تيز
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من بيان ان ما هم عليه غير مستند الا الى توهمهم وهوى نفسهم الى بيان ان ذلك مما لا يجدى نفعا أصلا والهمزة للانكار والنفي والتمني تقدير شيء في النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن وقد يكون عن رؤية وبناء على اصل لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له املك فأكثر التمني تصوير مالا حقيقة له والمعنى ليس للانسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه من الأمور التي من جملتها اطماعهم الفارغة في شفاعة الآلهة ونظائرها التي لا تكاد تدخل تحت الوجود
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن
(وقال الكاشفى) آيا هست مر انسان را يعنى كافر را آنچهـ آرزو برداز شفاعت بتان يا آنكه كويد چرا نبوت بفلان وفلان ندادند وقيل أم للانسان ما اشتهى من طول الحياة وان لا بعث ولا حشر وفي الآية اشارة الى ان للانسان استعداد الكمال وهو الفناء عن انانيته والبقاء بهوية الله تعالى لكن بسبب اشتغاله باللذات الجسمانية والروحانية يحصل له في بعض الأوقات آفات العلائق الجسمانية وفترات العوائق الروحانية فيحرم من بلوغ مطلوبه ولا يتهيأ له كل ما تمناه إذ كل ميسر لما خلق له فمن خلق مظهر اللطف بيده اليمنى لا يقدر أن يجعل نفسه مظهر القهر ومن خلق مظهر القهر بيده اليسرى لا يمكن أن يجعل نفسه مظهر اللطف
وانما تمنى لما ليس له مخلوقية على صورة من جمع الضدين بقوله هو الاول والآخر والظاهر والباطن اى هو الاول في عين آخريته والظاهر في عين باطنيته وسئل الخراز قدس سره بم عرفت الله قال بالجمع بين الضدين لان الحقيقة متوحدة والتعين والظهور متعدد وتنافى التعينات لا يقدح في وحدة الهوية المطلقة كما ان تنافى الزوجية والفردية لا يقدح في العدد وتضاد السواد والبياض لا يقدح في اللون المطلق قال الحسين رحمه الله الاختيار طلب الربوبية والتمني الخروج من العبودية وسبب عقوبة الله عباده ظفرهم بمنيتهم فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى تعليل لانتقاء ان يكون للانسان ما يتمناه حتما فان اختصاص امور الآخرة والاولى جميعا به