الصراط فيمر كالبرق اللامع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع (ان اولياء الله المصلون ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبهن الله عليه ويصوم رمضان ويحتسب صومه ويؤتى الزكاة محتسبا طيبة بها نفسه ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها) فقال رجل من أصحابه يا رسول الله وكم الكبائر قال (تسع أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير حق والفرار من الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت العتيق الحرام قبلتكم احياء وأمواتا لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة الا رافق محمدا فى بحبوبة جنة ابوابها مصاريع الذهب) . واعلم ان الراسخين فى العلم هم الذين رسخوا بقدمي العمل والعلم الى ان بلغوا معادن العلوم فاتصلت علومهم الكسبية بالعلوم العطائية اللدنية وفى الحديث (طلعت ليلة المعراج على النار فرأيت اكثر أهلها الفقراء) قالوا يا رسول الله من المال قال (لا من العلم) وفى الحديث (العلم امام العمل والعمل تابعه) . قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله فى منهاج العابدين ولقد صرت من علماء امة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الراسخين فى العلم ان أنت عملت بعلمك وأقبلت على عمارة معادك وكنت عبدا عالما عاملا لله تعالى على بصيرة غير جاهل ولا مقلد غير غافل فلك الشرف العظيم ولعلمك القيمة الكثيرة والثواب الجزيل وبناء امر العبادة كله على العلم سيما علم التوحيد وعلم السر فلقد روى ان الله تعالى اوحى الى داود عليه السلام فقال [يا داود تعلم العلم النافع] قال الهى وما العلم النافع قال [ان تعرف جلالى وعظمتى وكبريائى وكمال قدرتى على كل شىء فان هذا الذي يقربك الى] وعن على رضى الله عنه ما يسرنى ان لومت طفلا فادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف ربى فان اعلم الناس بالله أشدهم خشية وأكثرهم عبادة وأحسنهم فى الله نصيحة إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ جواب لاهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بانه ليس بدعا من الرسل وانما شأنه فى حقيقة الإرسال واصل الوحى كشأن سائر مشاهير الأنبياء الذين لا ريب لاحدهم فى نبوتهم والوحى والإيحاء كالاعلام فى خفاء وسرعة اى أنزلنا جبرائيل عليك يا محمد بهذا القرآن كَما أَوْحَيْنا اى ايحاء مثل ايحائنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ بدأ بذكر نوح لانه ابو البشر وأول نبى عذبت أمته لردهم دعوته وقد أهلك الله بدعائه اهل الأرض قيل ان نوحا عليه السلام عمر الف سنة لم ينقص له سن ولا قوة ولم يشب له شعر ولم يبالغ أحد من أنبياء فى الدعوة ما بالغ ولم يصبر على أذى قومه ما صبر وكان يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا وكان يضرب من قومه حتى يغمى عليه فاذا أفاق عاد وبلغ وقيل هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة بعد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ عطف على أوحينا الى نوح داخل معه فى حكم التشبيه اى كما أوحينا الى ابراهيم وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وهم أولاد يعقوب عليه السلام وهم اثنا عشر رجلا وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ خصهم بالذكر مع اشتمال النبيين عليهم تشريفا لهم وإظهارا لفضلهم فان ابراهيم أول اولى العزم منهم وعيسى آخرهم والباقين اشراف الأنبياء ومشاهيرهم