للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلعله أراد بالسرقة أخذهم له من أبيه ودخول بنيامين فيه يطريق التغليب وهو من قبيل المبالغة فى التشبيه اى أخذتم يوسف من أبيه على وجه الخيانة كالسراق وقد صدر التعريض والتورية من الأنبياء عليهم السلام- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل قريبا من بدر ركب هو وابو بكر حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان فسأله عليه السلام عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما فقال له عليه السلام إذا اخبرتنا أخبرناك فاخبر الشيخ حسبما بلغه خبرهم فلما فرغ قال من أنتما فقال عليه السلام (نحن من ماء دافق) وأوهم انه من ماء العراق ففيه تورية وأضيف الماء الى العراق لكثرته به- وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من الغار وتوجه الى المدينة كان ابو بكر رضى الله عنه رديفا له وإذا سأله اى أبا بكر سائل من هذا الذي معك يقول هذا الرجل يهدينى الطريق يعنى طريق الخير كذا فى انسان العيون قال فى حواشى سعدى المفتى الكذب إذا تضمن مصلحة يرخص فيه [دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز] وقال بعضهم هذا الخطاب من قبل المؤذن بناء على زعمه وذلك ان يوسف وضع السقاية بنفسه فى رحل أخيه وأخفى الأمر عن الكل او امر بذلك بعض خواصه قال فى القصص انه ابنه وامره بإخفاء ذلك عن الكل ثم ان اصحاب يوسف لما طلبوا السقاية وما وجدوها وما كان هناك أحد غير الذين ارتحلوا غلب على ظنهم انهم هم الذين أخذوها فنادى المنادى من بينهم على حسب ظنه انكم لسارقون قالُوا اى الاخوة وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ جملة حالية من قالوا جيئ بها للدلالة على ازعاجهم مما سمعوه لمباينته لحالهم اى وقد اقبلوا على طالبى السقاية ماذا تَفْقِدُونَ اى تعدمون تقول فقدت الشيء إذا عدمته بان ضل عنك لا بفعلك والمآل ما الذي ضاع منكم قالُوا فى جوابهم نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وصيغة المضارع فى كلا المحلين لاستحضار الصورة ثم قالوا تربية لما تلقوه من قبلهم واراءة لاعتقاد انه انما بقي فى رحلهم اتفاقا وَلِمَنْ جاءَ بِهِ من عند نفسه مظهرا له قبل التفتيش وفى البحر ولمن دل على سارقه وفضحه حِمْلُ بَعِيرٍ من البر جعلاله وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل اؤديه الى من جاء به ورده لان الملك يتهمنى فى ذلك وهو قول المؤذن وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان من يكون مستأهلا لحمل البعير الذي هو علف الدواب متى يكون مستحقا لمشربة هى من مشارب الملوك قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم والجمهور على ان التاء بدل من الواو مختصة باسم الله تعالى. والمعنى ما اعجب حالكم أنتم تعلمون علما جليا من ديانتنا وفرط أمانتنا اننا بريئون مما تنسبون إلينا فكيف تقولون لنا انكم لسارقون. وقوله لنفسد اى لنسرق فانه من أعظم انواع الفساد وَما كُنَّا سارِقِينَ اى ما كنا نوصف بالسرقة قط وانما حكموا بعلمهم ذلك لان العلم بأحوالهم الشاهدة يستلزم العلم بأحوالهم الغائبة قالُوا اى اصحاب يوسف فَما جَزاؤُهُ على حذف المضاف اى فما جزاء سرقة الصواع عندكم وفى شريعتكم إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ فى جحودكم ونفى كون الصواع فيكم قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ اى أخذ من وجد الصواع فِي رَحْلِهِ واسترقاقه

<<  <  ج: ص:  >  >>