للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تكذيبهم قال مالك رحمه الله ما أشد هذه الآية على هذه الامة وفيه اشارة الى مكذبى الإلهام ايضا فانهم ملتحقون بمكذبى الوحى لان الكل من عند الله لكن اهل الاحتجاب لا يبصرون النور كالاعمى فكيف يقرون وَإِنَّهُ اى القرآن لَحَسْرَةٌ وندامة يوم القيامة عَلَى الْكافِرِينَ المكذبين له عند مشاهدتهم لثواب المؤمنين المصدقين به وفى الدنيا ايضا إذا رأوا دولة المؤمنين ويجوز أن يرجع الضمير الى التكذيب المدلول عليه بقوله مكذبين وَإِنَّهُ اى القرآن لَحَقُّ الْيَقِينِ اى لليقين الذي لا ريب فيه فالحق واليقين صفتان بمعنى واحد أضيف أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه كحب الحصيد للتأكيد فان الحق هو الثابت الذي لا يتطرق اليه الريب وكذا اليقين قال الراغب فى المفردات اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وأخواتهما يقال علم اليقين عين اليقين حق اليقين وبينها فرق مذكور فى غير هذا الكتاب انتهى وقد سبق الفرق من شرح الفصوص فى آخر سورة الواقعة فالرجع وقال الامام معناه انه حق يقين اى حق لا بطلان فيه ويقين لا ريب فيه ثم أضيف أحد الوصفين الى الآخر للتأكيد وقال الزمخشري لليقين حق اليقين كقولك هو العالم حق العالم وجد العالم ويراد به البليغ الكامل فى شأنه وفى تفسير القاشاني محض اليقين وصرف اليقين كقولك هو العالم حق العالم وجد العالم اى خلاصة العالم وحقيقته من غير شوب شىء آخر وقال الجنيد قدس سره حق اليقين ما يتحقق العبد بذلك معرفة بالحق وهو أن يشاهد الغيوب كمشاهدته للمرئيات مشاهدة عيان ويحكم على المغيبات ويخبر عنها بالصدق كما اخبر الصديق الأكبر فى مشاهدة النبي عليه السلام حين سأله ماذا أبقيت لنفسك قال الله ورسوله فأخبر عن تحققه بالحق وانقطاعه عن كل ما سوى الله ووقوفه على الصدق معه ولم يسأله النبي عليه السلام عن كيفيته ما أشار اليه لما عرف من صدقه وبلوغه المنتهى فيه ولما سأل عليه السلام حارثة كيف أصبحت قال أصبحت مؤمنا حقا فأخبر عن حقيقة إيمانه فسأله عليه السلام عن ذلك لما كان يجد فى نفسه من عظيم دعواه ثم لما اخبر لم يحكم له بذلك فقال عرفت فالزم اى عرفت الطريق الى حقيقة الايمان فالزم الطريق حتى تبلغ اليه وكان يرى حال أبى بكر رضى الله عنه مستورا من غير استخبار عنه ولا استكشاف لما علم من صدقه فيما ادعى وهذا مقام حق اليقين واليقين اسم للعلم الذي زال عنه اللبس ولهذا لا يوصف علم رب العزة باليقين فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ اى فسبح الله بذكر اسمه العظيم بأن تقول سبحانه الله تنزيها له عن الرضى بالتقول الله وشكرا على ما أوحى إليك فمفعول سبح محذوف والباء فى باسم ربك للاستعانة كما فى ضربته بالسوط فهو مفعول ثان بواسطة حرف الجر على حذف المضاف والعظيم صفة الاسم ويحتمل أن يكون صفة ربك ويؤيده ما روى ان رسول الله عليه السلام قال لما نزلت هذه الآية اجعلوها فى ركوعكم فالتزم ذلك جماعة من العلماء كما فى فتح الرحمن وقال فى التأويلات النجمية نزه وقدس تنزيها فى عين التشبيه اسم ربك اى مسمى ربك إذا لاسم عين المسمى عند أرباب

<<  <  ج: ص:  >  >>