ليلة مظلمة شديدة البرد وقد أخذ امرأته الطلق فقدح فاصلد زنده فبداله من جانب الطور نار فقال لاهله اثبتوا مكانكم إِنِّي آنَسْتُ ناراً أبصرت قال فى التاج [الإيناس: ديدن] والباب يدل على ظهور الشيء وكل شىء خالف طريقة التوحش قال مقاتل النار هو النور وهو نور رب العزة رأه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالأرض المقدسة وقد سبق سر تجلى النور فى صورة النار فى سورة طه سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ اى عن حال الطريق اين هو والسين للدلالة على بعد المسافة او لتحقيق الوعد بالإتيان وان ابطأ فيكون للتأكيد: وبالفارسية [زور باشد كه بيارم از نزديك آن آتش خبرى يعنى از كسى كه بر سر آن آتش باشد خبر راه پرسم] أَوْ آتِيكُمْ [يا بيارم] بِشِهابٍ قَبَسٍ اى بشعلة نار مقبوسة اى مأخوذة من معظم النار ومن أصلها ان لم أجد عندها من يدلنى على الطريق فان عادة الله ان لا يجمع حرمانين على عبده يقال اقتبست منه نارا وعلما استفدته منه وفى المفردات الشهاب الشعلة الساطعة من النار المتوقدة والقبس المتناول من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم استعير لطلب العلم والهداية انتهى فان قلت قال فى طه (لَعَلِّي آتِيكُمْ) ترجيا وهنا (سَآتِيكُمْ) اخبارا وتيقنا وبينهما تدافع قلت لا تدافع لان الراجي إذا قوى رجاؤه يقول سافعل كذا مع تجويزه خلاف ذلك لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ رجاء ان تدفعوا البرد بحرها. والصلاء النار العظيمة والاصطلاء [كرم شدن بآتش] قال بعضهم الاصطلاء بالنار يقسى القلب ولم يرو انه عليه السلام اصطلى بالنار فَلَمَّا جاءَها [پس آن هنكام كه آمد موسى نزديك آن آتش نورانى ديد بي إحراق از درختى بسزد كويند آتشى بود محرق چون سائر آتشها] وكانت الشجرة سمرة نُودِيَ جاءه النداء وهو الكلام المسموع من جانب الطور قال فى عرائس البيان كان موسى عليه السلام فى بداية حاله فى مقام العشق والمحبة وكان اكثر احوال مكاشفته فى مقام الالتباس فلما كان بدو كشفه جعل تعالى الشجرة والنار مرآة فعلية فتجلى بجلاله وجماله من ذاته لموسى وأوقعه فى رسوم الانسانية حتى لا يفزع ويدنو من النار والشجرة ثم ناداه فيها بعد ان كاشف له مشاهدة جلاله ولولا ذلك لفنى موسى فى أول سطوات عظمته وعزته أَنْ مفسرة لما فى النداء من معنى القول اى بُورِكَ او بان بورك على انها مصدرية حذف منها الجار جريا على القاعدة المستمرة وبورك مجهول بارك وهو خبر لادعاء اى جعل مباركا وهو ما فيه الخير والبركة والقائم مقام الفاعل قوله مَنْ فِي النَّارِ اى من فى مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة فى قوله تعالى (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) وَمَنْ حَوْلَها اى ومن حول مكانها والظاهر ان المبارك فيه عام فى كل من فى تلك البقعة وحواليها من ارض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الأنبياء وكفاتهم احياء وأمواتا وخصوصا تلك البقعة التي كلم الله فيها موسى وفى ابتداء خطاب الله موسى بذلك عند مجيئه بشارة بانه قد قضى له امر عظيم دينى تنتشر بركاته فى أقطار الأرض المقدسة وهو تكليمه تعالى إياه واستنباؤه له واظهار المعجزات على يده وكل موضع يظهر فيه مشاهدة الحق ومكالمته يكون ذا بركة ألا ترى الى قوله القائل