للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى واعلم ان جميع الأنبياء معصومون من ان يظهر شيطان بصورهم فى النوم واليقظة لئلا يشتبه الحق بالباطل يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من حضرة شيخى المتفرد فى زمانه بعلمه وعرفانه ان الشيطان لا يتمثل ايضا بصور الكمل من الأولياء الكرام كقطب الوجود فى كل عصر فانه مظهر تام للهدى سار فى سره سر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا فعلى العاقل ان يترك القيل والقال ويدع الاعتراض بالمقال والحال ويستسلم لامر الله الملك المتعال الى ان يبلغ مبلغ الرجال ويتخلص من مكر الشيطان البعيد عن ساحة العز والإجلال ويكون هاديا بعد كونه مهديا ان كان ذلك امرا مقضيا اللهم اهدنا الى رؤية الحق وأرنا الأشياء كما هى وخلصنا من الاشغال بالمناهي والملاهي انك أنت الجواد لكل صنف من العباد منك المبدأ وإليك المعاد خُذِ الْعَفْوَ- روى- انه صلى عليه وسلم سأل جبريل (ما الاخذ بالعفو) فقال لا أدرى حتى اسأل ثم رجع فقال يا محمد ان ربك أمرك ان تعطى من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وان تحسن الى من أساء إليك

هر كه زهرت دهد بدوده قند ... وآنكه از تو برد بدو پيوند

والعفو من أخلاقه تعالى قال سعيد بن هشام دخلت على عائشة فسألتها عن اخلاق النبي عليه السلام قالت اما تقرأ القرآن قلت بلى قالت كان خلق رسول الله القرآن وانما أدبه بالقرآن بمثل قوله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وبقوله وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وبقوله (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) وغير ذلك من الآيات الدالة على مكارم أخلاقه وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ بالجميل المستحسن من الافعال لانها قريبة من قبول الناس من غير نكير قال فى التيسير قالوا فى العرف تقوى الله صلة الأرحام وصون اللسان عن الكذب ونحوه وغض البصر عن المحارم وكف الجوارح عن المآثم وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عنهم واغضض عما يسوءك منهم وذلك لانه ربما اقدم بعض الجاهلين عند الترغيب والترهيب على السفاهة والأذى والضحك والاستهزاء فلهذا السبب امر الله تعالى حبيبه فى آخر الآية بتحمل الأذى والحلم عمن جفا فظهر بهذا ان الآية مشتملة على مكارم الأخلاق فيما يتعلق بمعاملة الناس معه ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا فى الأسواق ولا يجزى السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح كذا فى الكواشي- روى- انه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف يا رب والغضب) فنزل قوله تعالى وَإِمَّا كلمتان ان التي هى للشرط وما التي هى صلة زائدة يَنْزَغَنَّكَ النزغ والنخس الغرز يقال نزعه طعن فيه ونزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس ونخس الدابة غرز مؤخرها او جنبها بعود ونحوه مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ اى نازغ كرجل عدل بمعنى عادل وشبهت وسوسته للناس وإغراؤه لهم على المعاصي بغرز السائق لما يسوقه. والمعنى واما يحملنك من جهته وسوسة ما على خلاف ما أمرت به من اعتراء غضب او نحوه فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ فالتجىء اليه تعالى من شره واعتصم إِنَّهُ تعالى سَمِيعٌ يسمع استعاذتك به قولا عَلِيمٌ يعلم تضرعك اليه قلبا فى ضمن القول

<<  <  ج: ص:  >  >>