للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

او بدونه فيعصمك من شره قال فى البحر وختم بهاتين الصفتين لان الاستعاذة التي تكون باللسان لا تجدى الا باستحضار معناها. فالمعنى سميع للاقوال عليم بما فى الضمائر واختلفوا هل المراد الشيطان او القرين فقط والظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعده فلا يضر شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فان قرينه قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ان يكون إبليس او أكابر جنوده لانه قدورد فى الحديث (ان عرش إبليس على البحر الأخضر وجنوده حوله وأقربهم اليه أشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الأمور العظام) والظاهر

ان امر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته كما ورد (ان عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله فى وجهى فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت العنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت اخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لاصبح موثقا يلعب به ولدان اهل المدينة) والدعوة قوله رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي وانما لم يشده ولم يأخذه لان التسخير التام مختص بسليمان عليه السلام فان قلت لم لم يمنع إبليس عن النبي صلى الله عليه وسلم كما منع به عن السماء الشياطين قلت ان الله تعالى جعل اكثر الأشياء كذلك يمنع بها ولا يمنع عنها ألا ترى ان الليل يمنع النهار والنهار يمنع الليل ولا يمنع عنهما النور والظلمة وكذلك احياء الموتى لعيسى عليه السلام ولم يمنع عنه الموت وايضا لما منع الشياطين عن السماء ظنوا انهم لا يقدرون على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فسلطهم عليه ثم عصمه منهم ليعلموا انه ليس بايديهم شىء وقال النيسابورى أراد ان يظهر لخلقه ان غيره مقهور غير معصوم ولا قاهر الا الله تعالى وعن بعض العلماء ان الخطاب فى قوله وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ وان كان للنبى عليه السلام الا ان المراد أمته وتشريع الاستعاذة لهم يقول الفقير حفظه الله القدير يعضده ما قال بعض الأولياء من أمته وهو ابو سليمان الداراني قدس سره ما خلق الله خلقا أهون على من إبليس لولا ان الله أمرني ان أتعوذ منه ما تعوذت منه ابدا وما قال البعض الآخر حين قيل له كيف مجاهدتك للشيطان وما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا الى الله فكفانا من دونه فاذا كان هذا حال الولي فما ظنك بحال النبي ويدل عليه ايضا كلمة ان الدالة على عد الجزم واعلم ان الغضب لغير الله من نزغات الشيطان وانه بالاستعاذة يسكن- روى- انه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يخاصم أخاه قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه من الغضب فقال عليه السلام (انى لا علم كلمة لوقالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان لذهب عنه ما يجده) وفى الحديث (ان الغضب من الشيطان وان الشيطان من النار وانما تطفأ النار بالماء فاذا غضب أحدكم فليتوضأ) : وفى المثنوى

چون ز خشم آتش تو در دلها زدى ... مايه نار جهنم آمدى

آتشت اينجا چهـ آدم سوز بود ... آنچهـ از وى زاد مرد افروز بود

<<  <  ج: ص:  >  >>