والعبد من خسة طبعه وركاكة عقله يقابله بالتكذيب وينسبه الى السحر والله تعالى إظهارا لحكمه وكرمه لا يعجل عقوبته ويمهله الى أوان ظهور شقوته فيجعله مظهر صفة قهره ويبلغ موسى كمال سعادته فيجعله مظهر صفة لطفه
نردبان خلق اين ما ومنيست ... عاقبت زين نردبان افتاد نيست
هر كه سركش بود او مقهور شد ... هر كه خالى بود او منصور شد
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة قالُوا لاستكمال شقاوتهم اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى تابعوه فى الايمان والقائل فرعون وذووا الرأى من قومه او فرعون وحده لأنه بمنزلة الكل كما قال سنقتل أبناءهم ونستحيى نساءهم وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ اى ابقوا بناتهم احياء فلا تقتلوهن وبالفارسية وزنده بگذارد دختران ايشانرا تا خدمت زنان قبط كنند والمعنى أعيدوا عليهم القتل وذلك أنه قد امر بالقتل قبيل ولادة موسى عليه السلام بأخبار المنجمين بقرب ولادته ففعله زمانا طويلا ثم كف عنه مخافة ان تفنى بنو إسرائيل وتقع الأعمال الشاقة على القبط فلما بعث موسى وأحس فرعون بنبوته أعاد القتل غيظا وحنقا وتا دلهاى بنى إسرائيل بشكند وموسى را يارى ندهند ظنا منهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملك فرعون على يده وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ فرعون وقومه او غيرهم اى وما مكرهم وسوء صنيعهم وبالفارسية بنسبت انبيا ومؤمنان إِلَّا فِي ضَلالٍ مكر در كم راهى وبيهودكى اى فى ضياع وبطلان لا يغنى عنهم شيأ وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم وفى التأويلات النجمية عزم على إهلاك موسى وقومه واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله إتماما لاستحقاقهم العذاب ولكن من حفظ الحق تعالى كان كما قال وما كيد الكافرين الا فى ضلال اى فى ازدياد ضلالتهم بربهم يشير الى أن من حفر بئر الولي من أوليائه ما يقع فيه الا حافره وبذلك اجرى الحق سنته انتهى (حكى) أن مفتى الشام افتى بقتل الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فدخل الحوض للغسل فظهرت يد فخنقته فاخرج من الحوض وهو ميت وحكى أن شابا كان بأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ ليهلك فيه فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد فقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك البستان قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد فبكى وامر له بالإحسان وبأن يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الأعلى إكرامه واحترامه وَقالَ فِرْعَوْنُ لملئه ذَرُونِي خلوا عنى واتركوني يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا وأصله وذره يذره كوسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل كما فى القاموس أَقْتُلْ مُوسى فانى اعلم أن صلاح ملكى فى قتله وكان اذاهم بقتل موسى عليه السلام كفه ملأه بقولهم ليس هذا بالذي تخافه فانه اقل من ذلك وأضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم إذا قتلته ادخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت الى المقارعة بالسيف وأوهم اللعين انهم