للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العناية الازلية لاختصاصه بالمحبوبية بجذبات الربوبية وأخرجته من الوجود المجازى ليلة اسرى بعد ما عبر به على الأنبياء كلهم وبلغ فى القرب الى الكمالية فى الدنو وهو سر او ادنى فاستسعد سعادة الوصول الى الوجود الحقيقي فى سر فاوحى الى عبده ما اوحى وفى الحقيقة قيل له فى تلك الحالة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ولكن فى حجة الوداع فى يوم عرفة عند وقوفه بعرفات اظهر على الامة عند إظهاره على الأديان كلها وظهور كمالية الدين بنزول الفرائض والاحكام بالتمام فقال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ويدل على هذا التأويل ما روى ابو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل ابتنى بيوتا فاحسنها وأجملها وأكملها الا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيات فيقولون ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بناؤها) قال محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (فانا اللبنة) متفق على صحته فصح ما قرر من مقامات الأنبياء وتكامل الدين بهم وكماليته بالنبي عليه السلام وبخروجه من الوجود المجازى بالكلية وان الأنبياء لم يخرجوا منه بالكلية ويدل على هذا المعنى ايضا ان الأنبياء كلهم يوم القيامة يقولون نفسى نفسى لبقية الوجود والنبي عليه السلام أمتي أمتي لفناء الوجود فافهم جدا ومن كرامة هذه الامة اشتراكهم فى كمالية الدين مع النبي بمتابعته وقال وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وهى اسبال تحصيل الكمال ومعظمها بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وهو استسلام الوجود المجازى الى النبي وخلفائه بعده ليطرح عليه اكسير المتابعة فيبدل الوجود المجازى المحبى بالوجود الحقيقي المحبوبى كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ يعنى ويغفر بالوجود الحقيقي ذنوب الوجود المجازى فافهم جدا وتنبه فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ يعنى فمن ابتلى بالتفاته الى شىء من الدنيا والآخرة مضطرا اليه فى غاية الاضطرار والابتلاء لسر التربية غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ يعنى غير مائل اليه للاعراض عن الحق ولكن من فترة تقع للصادقين او وقفة تكون للسالكين ثم يتداركونها بصدق الالتجاء الى الحق وأرواح المشايخ والاستعانة بهم وطلب الاستغفار من ولاية البنين واعانتهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما ابتلاهم به رَحِيمٌ بان يهديهم الى الصراط المستقيم باقامة الدين القويم كذا فى التأويلات النجمية يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ ما للاستفهام وذا بمعنى الذي والمعنى ما الذي أحل لهم من المطاعم. ان قلت مفعول يسأل انما يكون مفردا فكيف وقع على الجملة. قلت لتضمن السؤال معنى القول قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ اى ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر منه كما فى قوله تعالى وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ والطيب فى اللغة المستلذ المشتهى فالتقدير كل ما يستلذ ويشتهى والعبرة فى الاستلذاذ والاستطابة باهل المروءة والأخلاق الجميلة فان اهل البادية يستطيبون أكل جميع الحيوانات كذا قال الامام فى تفسيره وَما عَلَّمْتُمْ عطف على الطيبات بتقدير المضاف على ان ما موصولة والعائد محذوف اى وصيد ما علمتموه مِنَ الْجَوارِحِ حال من الموصول جمع جارحة بمعنى كاسبة قال تعالى وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ وجوارح الإنسان أعضاؤه التي يكتسب بها ويحتمل ان يكون من الجرح بمعنى تفريق الاتصال فان الجوارح تجرح الصيد

<<  <  ج: ص:  >  >>