غالبا. والمراد بالجوارح فى الآية كل ما يكسب الصيد على اهله من سباع البهائم كالفهد والنمر والكلب ومن سباع الطير كالصقر والبازي والعقاب والنسر والباشق والشاهين ونحوها مما يقبل التعليم فان صيد جميعها حلال مُكَلِّبِينَ اى معلمين لها الصيد والمكلب مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد ومضريها عليه مشتق من الكلب وذكر الكلب لكونه اقبل للصيد والتأديب فيه وانتصابه على الحالية من فاعل علمتم. فان قلت يلزم ان يكون المعنى وصيد ما علمتم معلمين ولا فائدة. قلت فائدتها المبالغة فى التعليم لما ان اسم المكلب لا يقع الا على النحرير فى علمه فكأنه قيل وما علمتم ماهرين فى تعليم الجوارح حاذقين فيه مشتهرين به تُعَلِّمُونَهُنَّ حال ثانية مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ من الحيل وطرق التعليم والتأديب فان العلم به الهام من الله تعالى او مكتسب بالعقل الذي هو منحة منه او مما علمكم ان تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه
وان ينزجر بزجره وينصرف بدعائه ويمسك عليه الصيد ولا يأكل منه. قال صاحب الكشاف قوله تعالى تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فيه تنبيه على ان كل من يأخذ علما ينبغى ان يأخذه ممن هو متبحر فى ذلك العلم غواص فى بحار لطائفه وحقائقه وان احتاج فى ذلك الى ارتكاب سفر بعيد قال عليه السلام (اطلبوا العلم ولو بالصين) فكم من آخذ من غير متقن ضيع أيامه وعض عند لقاء النحارير أنامله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ من تبعيضية لما ان البعض مما لا يتعلق به الاكل كالجلود والعظام والريش وما موصولة حذف عائدها وعلى متعلقة بامسكن اى فكلوا بعض ما امسكنه عليكم وهو الذي لم يأكلن منه واما ما أكلن منه فهو مما أمسكن على انفسهن لقوله عليه السلام لعدى بن حاتم (وان أكل منه فلا تأكل انما امسكه على نفسه) واليه ذهب اكثر الفقهاء. وقال بعضهم ومنهم ابو حنيفة يؤكل مما بقي من جوارح الطير ولا يؤكل مما بقي من الكلب والفرق انه يمكن ان يؤدب الكلب على الاكل بالضرب ولا يؤدب البازي على الاكل وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الضمير لما فى ما علمتم اى سموا عليه عند إرساله او لما فى ما أمسكن اى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته. وعن ابى ثعلبة قال قلت يا نبى الله انا بأرض قوم اهل كتاب أفنأكل فى آنيتهم وبأرض صيد اصيد بقوسي وبكلبى الذي ليس بمعلم وبكلبى المعلم فما يصلح لى قال (أما ما ذكرت من آنية اهل الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وان لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فادركت ذكاته فكل) وعن انس رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحى بكبشين أملحين أقرنين يطأ على صفاحهما ويذبحهما بيده ويقول بسم الله والله اكبر كذا فى تفسير البغوي. والمستحب ان يقول بسم الله الله اكبر بلا واو لان ذكر الواو يقطع نور التسمية كما فى شرح مختصر الوقاية وكره ترك التوجه الى القبلة وحلت كذا فى الذخيرة ومتروك التسمية عمدا حرام لانه ميتة بخلاف متروكها نسيانا فانه حلال وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شأن محرماته إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ سريع إتيان حسابه او سريع تمامه إذا شرع فيه يتم فى اقرب ما يكون من الزمان والمعنى على التقديرين انه يؤاخذكم سريعا فى كل ما جل ودق ودلت الآية على اباحة الصيد. قال فى الأشباه الصيد مباح إلا للتلهي