للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حسب العوامل منصوب بميتين كما ينصب المصدر بالفعل المذكور قبله فى مثل قولك ما ضربت زيدا الا ضربة واحدة كأنه قيل وما نحن نموت موتة الا موتتنا الاولى وقيل نصبها على الاستثناء المنقطع بمعنى لكن الموتة الاولى قد كانت فى الدنيا وقيل الا هنا بمعنى بعد وسوى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كالكفار فان النجاة من العذاب ايضا نعمة جليلة مستوجبة للتحدث بها كما ان العذاب محنة عظيمة مستدعية لتمنى الموت كل ساعة وعن ابى بكر الصديق رضى الله عنه الموت أشد مما قبله وأهون مما بعده وفى الآية اشارة الى ان من مات الموتة الاولى وهى الموتة الارادية عن الصفات النفسانية الحيوانية فقد حيى بحياة روحانية ربانية لا يموت بعدها ابدا بل ينقل المؤمن من دار الى دار فى جوار الحق ولا يعذب بنار الهجران وآفة الحرمان

هر كه فانى شد از أرادت خويش ... زندكى يافت او ز مهجت خويش

از عذاب والم مسلم كشت ... در جوار خدا منعم كشت

إِنَّ هذا اى الأمر العظيم الذي نحن فيه من النعمة والخلود والا من من العذاب لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفوز الظفر مع حصول السلامة اى لهو السعادة والظفر بكل المراد إذ الدنيا وما فيها تحتقر دونه كما تحتقر القطرة من البحر المحيط والحبة من البيدر الكبير لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ اى لنيل هذا المرام الجليل يجب ان يعمل العاملون ويجتهد المجتهدون لا للحظوظ الدنيوية السريعة الانقطاع المشوبة بفنون الآلام والبلايا والصداع قال الكاشفى [از براى اين نعمتها پس بايد كه عمل كنندكان نه براى مال وجاه دنيا كه پر شرف زوال وصدد انتقال است]

كر بار كشى بار نكارى بارى ... ور كار كنى براى يارى بارى

ور روى بخاكراهى خواهى ماليد ... بر خاك ره طرفه سوارى بارى

ويحتمل ان يكون قوله ان هذا إلخ من كلام رب العزة فهو ترغيب فى طلب ثواب الله بطاعته ويقال فليحتمل المحتملون الأذى لانه قد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما قال جلال الدين الرومي قدس سره

حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا

يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكرهة لنا وجعلت النار محاطة بالأشياء التي محبوبة لنا فما بين المرء وبين الجنة حجاب الا المكاره وهو حجاب عظيم صعب خرقه وما بين النار وبينه حجاب الا الشهوات وهو حجاب حقير سهل لاهله والعياذ بالله من الإقبال على الشهوات والأدبار عن الكرامات فى الجنات قال فى كشف الاسرار [پس عارفان سزاتراند كه بر اميد ديدار جلال احديت ويافت حقائق قربت وتباشير صبح وصلت ديده ديده ودل فرا كنند وجان وروان درين بشارت نثار كنند] يعنى ان هبت نفحة من نفحات الحق من جنات القدس أو شم رائحة من نسيم القرب او بدت شطبة من الحقائق وتباشير الوصلة حق للعارف ان يقول ان هذا لهو الفوز العظيم وبالحرى ان يقول (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) بل لمثل هذه الحالة تبذل الأرواح وتفدى الأشباح كما قيل

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه ... وان بات من سلمى على اليأس طاويا

<<  <  ج: ص:  >  >>