صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف له بالعبدية المطلقة وتفضيل بها على جميع الأنبياء فانه تعالى لم يسم أحدا منهم بالعبد مطلقا كقوله تعالى (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) وتنبيه على ان الرسول لا يكون الا عبدا للمرسل ردا على النصارى ولذا قدم فى التشهد عبده على رسوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) غاية للتنزيل اى ليكون العبد منذرا بالقرآن للانس والجن ممن عاصره او جاء بعده ومخوفا من عذاب الله وموجبات سخطه. فالنذير بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف كما ان التبشير اخبار فيه سرور قال الامام الراغب العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والاعراض وهو فى الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة فالعالم آلة فى الدلالة على صانعه واما جمعه فلان كل نوع قد يسمى عالما فيقال عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار واما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم والإنسان إذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه انتهى قال ابن الشيخ جمع بالواو والنون لان المقصود استغراق افراد العقلاء من جنس الجن والانس فان جنس الملائكة وان كان من جملة أجناس العالم الا ان النبي عليه السلام لم يكن رسولا الى الملائكة فلم يبق من العالمين المكلفين الا الجن والانس فهو رسول إليهما جميعا انتهى اى فتكون الآية وقوله عليه السلام (أرسلت للخلق كافة) من العام المخصوص ولم يبعث نبى غيره عليه السلام الا الى قوم معين واما نوح عليه السلام فانه وان كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامة لمن بعده واما سليمان عليه السلام فانه ما كان مبعوثا الى الجن فانه من التسخير العام لا يلزم عموم الدعوة والآية حجة لابى حنيفة رضى الله عنه فى قوله ليس للجن ثواب إذا أطاعوه سوى النجاة من العذاب ولهم عقاب إذا عصوا حيث اكتفى بقوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) ولم يذكر البشارة قال فى الإرشاد عدم التعرض للتبشير لانسياق الكلام على احوال الكفرة الَّذِي اى هو الذي لَهُ خاصة دون غيره استقلالا او اشتراكا مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الملك هو التصرف بالأمر والنهى فى الجمهور قال الكاشفى [پادشاهىء آسمانها را وزمينها چهـ وى منفرد است بآفريد آنها پس او را رسد تصرف در ان] ثم قال ردا على اليهود والنصارى وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ليرث ملكه لانه حى لا يموت وهو عطف على ما قبله من الجملة الظرفية قال فى المفردات تخذ بمعنى أخذ واتخذ افتعل منه والولد المولود ويقال للواحد والجمع والصغير والكبير والذكر والأنثى ثم قال ردا على قريش وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ اى فى ملك السموات والأرض لينازعه او ليعاونه فى الإيجاد: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى «١»
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ أحدث كل موجود من الموجودات من مواد مخصوصة على صور معينة ورتب فيه قوى وخواص مختلفة الاحكام والآثار فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً اى فهيأه لما اراده منه من الخصائص والافعال اللائقة به كهيئة الإنسان للادراك والفهم والنظر والتدبر فى امور المعاش والمعاد واستنباط الصنائع المتنوعة ومزاولة الأعمال المختلفة وهكذا احوال سائر الأنواع
(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ