للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمرو وعثمان بن شهاب وعبد الله بن جحش وباقيهم من الأنصار. قال القاشاني الأفصح الأبلغ ان يجعل الخطاب فى وَلا تَحْسَبَنَّ لكل أحد لانه امر خطير يجب ان يبشر به كل واحد لتتوفر دواعيهم الى الجهاد وليتيقنوا بحسن الجزاء وان كان للرسول صلى الله عليه وسلم فالمراد به نهى الامة تنبيهم على حالهم والا فرسول الله أجل مرتبة من ذلك الحسبان بَلْ أَحْياءٌ اى بل هم احياء عِنْدَ رَبِّهِمْ خبر ثان للمبتدأ المقدر والعندية المكانية مستحيلة فتعين حملها على انهم مقربون منه تعالى قرب التكريم والتعظيم يُرْزَقُونَ من ثمار الجنة وتحفها وفيه تأكيد لكونهم احياء وتحقيق لمعنى حياتهم فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وهو شرف الشهادة والفوز بالحياة الابدية والزلفى من الله تعالى والتمتع بالنعيم المخلد عاجلا وَيَسْتَبْشِرُونَ معطوف على قوله فرحين عطف الفعل على الاسم لكون الفعل فى تأويل الاسم كأنه قيل فرحين ومستبشرين وبناء استفعل ليس للطلب بل هو بمعنى المجرد نحو استغنى الله اى غنى وقد سمع بشر الرجل بكسر العين فيكون استبشر بمعناه وقيل هو مطاوع ابشر نحو أراحه فاستراح فان البشرى حصلت لهم بابشار الله تعالى واليه أشار الزمخشري فى الكشاف بقوله بشرهم الله بذلك فهم مستبشرون به والبيضاوي بقوله يسرون بالبشارة بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ اى بإخوانهم الذين لم يقتلوا بعده فى سبيل الله فيلحقوا بهم مِنْ خَلْفِهِمْ متعلق بيلحقوا والمعنى انهم بقوا بعدهم وهم قد تقدموهم أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ بدل من الذين بدل اشتمال مبين لكون استبشارهم بحال إخوانهم لا بذواتهم وان هى المحففة اى يفرحون بما بشر لهم وبين من حيث حال إخوانهم الذين تركوهم وهو انهم إذا ماتوا او قتلوا يفوزون بحياة ابدية لا يدركها خوف وقوع محذور ولا حزن فوت مطلوب والخوف يكون بسبب توقع المكروه النازل فى المستقبل والحزن يكون بسبب فوت المنافع التي كانت موجودة فى الماضي فبين الله انه لا خوف عليهم مما سيأتيهم من اهوال القيامة وأحوالها ولا حزن لهم مما فاتهم من نعم الدنيا ولذاتها يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ كائنة مِنَ اللَّهِ كرر لبيان أن الاستبشار المذكور ليس بمجرد عدم الخوف والحزن بل به وبما يقارنه من نعمة عظيمة لا يقادر قدرها وهى ثواب أعمالهم وَفَضْلٍ اى زيادة عظيمة كما فى قوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ كافة سواء كانوا شهداء او غيرهم وهو بفتح ان عطف على فضل منتظم معه فى سلك المستبشر به. قال الامام الآية تدل على ان استبشارهم بسعادة إخوانهم من استبشارهم بسعادة أنفسهم لان الاستبشار الاول فى الذكر هو بأحوال الاخوان وهذا تنبيه من الله على ان فرح الإنسان بصلاح حال إخوانه ومتعلقه يجب ان يكون أتم وأكمل من فرحه وصلاح احوال نفسه. واعلم ان ظاهر الآية يدل على ان هؤلاء المقتولين وان فارقت أرواحهم من أجسادهم الا انهم احياء فى الحال. واختلف القائلون بحياتهم فى الحال انها للروح او للبدن ولا بد هاهنا من تقديم مقدمة ليتضح بها المقام وهى ان الإنسان المخصوص ليس عبارة عن مجموع هذه البنية المخصوصة بل هو شىء مغاير لها وذلك لان اجزاء هذه البنية فى الذوبان والانحلال والتبدل والتغير

<<  <  ج: ص:  >  >>