اى بأخذه اى لتأخذه على عجلة مخافة ان يتفلت إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
فى صدرك بحكم الوعد بحيث لا يخفى عليك شىء من معانيه وَقُرْآنَهُ
بتقدير المضاف اى اثبات قراءته فى لسانك بحيث تقرأه متى شئت فالقرءآن مصدر بمعنى القراءة كالغفران بمعنى المغفرة مضاف الى مفعوله والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها الى بعض فى الترتيل وليس يقال ذلك لكل جمع لا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم فَإِذا قَرَأْناهُ
اى اتمنا قراءته عليك بلسان جبريل واسناد القراءة الى نون العظمة للمبالغة فى إيجاب التأنى فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
اى فاشرع فيه بعد فراغ جبريل منه بلا مهلة وقال ابن عباس رضى الله عنهما فاذا جمعناه وأثبتناه فى صدرك فاعمل به وقال الواسطي رحمه الله جمعه فى السر وقرآنه فى العلانية ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ اى بيان ما أشكل عليك من معانيه وأحكامه وسمى ما يشرح المجمل والمبهم من الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره وفى ثم دليل على انه يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب لا عن وقت الحاجة الى العمل لانه تكليف بما لا يطاق قال اهل التفسير كان عليه السلام إذا لقن الوحى نازع جبريل القراءة ولم يصبر الى ان يتمها مسارعة الى الحفظ وخوفا من ان يفلت منه فامر بأن يستنصت له ملقيا اليه قلبه وسمعه حتى يقض اليه الوحى كما قال تعالى ولا تعجل بالقرءان من قبل ان يقضى إليك وحيه ثم يقضبه بالدراسة الى ان يرسخ فيه وعن بعض العارفين انه قال فيه اشارة الى صحة الاخذ عن الله بواسطة كأنه تعالى يقول خذه عن جبريل كأنك ما علمته الا منه ولا تسابق بما عندك منا من غير واسطة وأكابر المحققين يسمون هذه الجهة التي هى عدم الوسائط بالوجه الخاص والفلاسفة ينكرون هذا الوجه ويقولون لا ارتباط بين الحق والموجودات الا من جهة الأسباب والوسائط فليس عندهم ان يقول الإنسان أخبرنى ربى اى بلا واسطة وهم مخطئون فى هذا الحكم فانه لما كان ارتباط كل ممكن بالحق من حيث الممكن من جهتين جهة الوحدة وجهة الكثرة وجب ان تكون جهة الوحدة بلا واسطة وهو الوجه الخاص وجهة الكثرة بواسطة وهو الوجه العام ولما كان نبينا عليه السلام أكمل الخلق فى جهة الوحدة لكون احكام كثرته وإمكانه مستهلكة بالكلية فى وحدة الحق واحكام وجوبه كان يأخذ عن الله بلا واسطة اى من الوجه الخاص وكان ينعبع فى قلبه ما يريد الحق ان يخبره به فاذا جاءه الكلام من جهة الوسائط اى من الوجه العام بصور الألفاظ والعبارات التي استدعتها احوال المخاطبين كان يبادر اليه بالنطق به لعلمه بمعناه بسبب تلقيه أيار من حيث اللاواسطة لينفس عن نفسه ما يجده من الكربة والشدة التي يلقاها مزاجه من التنزل الروحاني فان الطبيعة تنزعج من ذلك للمباينة الثابتة بين المزاج وبين الروح اللكى فعرف الحق نبينا عليه السلام ان القرآن وان أخذته عنا من حيث معناه بلا واسطة فان انزالنا إياه مرة اخرى من جهة الوسائط يتضمن فوائد زائدة منا مراعاة إفهام المخاطبين به لان الخلق المخاطبين بالقرءان حكم ارتباطهم بالحق انما هو من جهة سلسلة الترتيب