للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى زمان رجل يقال له بخت نصر وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان الحين الذي يخرب فيه بعثنا رجلا من أقوياء بنى إسرائيل في طلبه فانطلق حتى لقيه غلاما مسكينا ببابل ليست له قوة فأخذه ليقتله فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا ان هو امره بهلاككم لا يسلطكم عليه وان لم يكن هذا فعلى أي حق تقتلونه فصدقه صاحبنا فتركه وكبر بخت نصر وقوى فملك ثم غزانا فخرب بيت المقدس وقتلنا وامر جبريل بوضع النبوة فينا فوضعها في غيرنا فلهذا اتخذناه عدوا وميكائيل عدو جبريل فقال عمر رضى الله عنه لئن كانا كما تقولون فماهما بعدوين ولأنتم اكفر من الخمير ومن كان عدوا لاحدهما كان عدوا للآخر ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله تعالى وجواب من محذوف اى من عادى جبريل من اهل الكتاب فلا وجه لمعاداته بل يجب عليه محبته فَإِنَّهُ يعنى جبريل نَزَّلَهُ اى القرآن أضمره لكمال شهرته عَلى قَلْبِكَ زيادة تقرير للتنزيل ببيان محل الوحى فانه القابل الاول له ومدار الفهم والحفظ اى حفظه إياك ففهمكه وحق الكلام ان يقال على قلبى لكنه جاء على حكاية كلام الله كما تكلم به لما في النقل بالعبارة من زيادة تقرير لمضمون المقالة يعنى قل كما تكلمت به من قولى انه نزله على قلبك بِإِذْنِ اللَّهِ بامره وتيسيره مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى موافقا لما قبله من الكتب الإلهية في التوحيد وبعض الشرائع حال من مفعول نزله وَهُدىً اى هاديا الى دين الحق وَبُشْرى اى مبشرا بالجنة لِلْمُؤْمِنِينَ فلا وجه لمعاداته فلو أنصفوا لاحبوه وشكروا له صنيعه في انزاله ما ينفعهم ويصح المنزل عليهم ثم عمم الشرط والجزاء ردا عليهم بقوله مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ اى مخالفا لامره عنادا وخارجا عن طاعته مكابرة وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ أفردهما بالذكر لاظهار فضلهما كأنهما من جنس آخر اشرف مما ذكر تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الجنس قال عكرمة جبر وميك وإسراف هي العبد بالسريانية وايل وآئيل هو الله ومعناها عبد الله او عبد الرحمن فَإِنَّ اللَّهَ جواب الشرط ولم يقل فانه لاحتمال ان يعود الى جبريل وميكائيل عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ اى لهم جاء بالظاهر ليدل على ان الله انما عاداهم لكفرهم والمعنى من عاداهم عاداه الله وعاقبه أشد العقاب فقال ابن صوريا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئتنا بشئ نعرفه وما انزل عليك من آية فنتبعك لها فانزل الله وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها وعلى كونها من عند الله وَما يَكْفُرُ بِها اى بالآيات التي توضح الحلال والحرام وتفصل الحدود والاحكام إِلَّا الْفاسِقُونَ المتمردون في الكفر الخارجون عن حدوده فان من ليس على تلك الصفة لا يجترئ على الكفر بمثل هاتيك البينات والأحسن ان يكون اللام اشارة الى اهل الكتاب قال الحسن إذا استعمل الفسق في نوع من المعاصي وقع على عظم ذلك النوع من كفر او غيره واعلم ان القرآن هو النور الإلهي الذي كشف الله به الظلمات واليهود أرادوا ان يطفئوا نور الله والله متم نوره وليس لهم فى ذلك الا الفضاحة والخزي كما إذا دخل الحمام ناس في ليل مظلم وفيهم الأصحاء واهل العيوب فجاء واحد بسراج مضئ لا يسارع الى إطفائه الا اهل العيوب مخافة ان يظهر عيوبهم للاصحاء ويلحق بهم مذمة

<<  <  ج: ص:  >  >>