للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابدلنى الله خيرا مما أخذ منى لى الآن عشرون عبدا وان ادباهم ليضرب اى يتجر فى عشرين الف درهم وأعطاني سقاية زمزم ما أحب ان لى بها جميع اموال اهل مكة أنجز لي أحد الوعدين وانا ارجوا ان ينجز لى الوعد الثاني اى انتظر المغفرة من ربى فانه لا خلاف فى وعد الكريم

خلاف وعده محالست كز كريم آيد ... لئيم اگر نكند وعده وفا شايد

وَإِنْ يُرِيدُوا يعنى الأسرى خِيانَتَكَ اى نقض ما عاهدوك عليه من الإسلام بالارتداد على دين آبائهم فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ بكفرهم ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه فى الأزل فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ان اقدر عليهم كما فعل يوم بدر فان أعادوا الخيانة فيمكنك منهم ايضا يقال مكنه من الشيء وامكنه منه اى اقدره عليه فتمكن منه وَاللَّهُ عَلِيمٌ فيعلم ما فى نياتهم وما يستحقونه من العقاب

برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست

حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه حكمته البالغة وفى بعض الروايات ان العباس كان قد اسلم قبل وقعة بدر ولكن لم يظهر إسلامه لانه كان له ديون متفرقة فى قريش وكان يخشى ان اظهر إسلامه ضياعها عندهم وانما كلفه النبي عليه السلام الفداء لانه كان عليه ظاهر الا له ولما كان يوم فتح مكة وقهرهم الإسلام اظهر إسلامه ولم يظهر النبي عليه السلام اسلام العباس رفقا به كيلا يضيع ماله عند قريش وكان قد استأذن النبي عليه السلام فى الهجرة فكتب اليه (يا عم أقم مكانك الذي أنت فيه فان الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة) فكان كذلك وفى الآية بيان قدرة الله تعالى وان مريد الخلاص من يد قهره فى الدنيا والآخرة لا يجد اليه سبيلا الا بالايمان والإخلاص فهو القادر القوى الخالق وما سواه العاجز الضعيف المخلوق وفى الخبران النبي عليه السلام قال (ان الله تعالى قال قل للقوى لا يعجبنك قوتك فان أعجبتك قوتك ادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان أعجبك فاخبرنى متى أجلك وقل للغنى لا يعجبنك غناك فان أعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا) وفى الآية اشارة الى النفوس المأسورة التي أسرت فى الجهاد الأكبر عند استيلاء سلطان الذكر عليها والظفر بها ان اطمأنت الى ذكر الله والعبودية والانقياد تحت أحكامه يؤتها الله نعيم الجنة ودرجاتها وهى خير من شهوات الدنيا ونعيمها وزينتها فان الدنيا ونعيمها فانية والجنة ونعيمها باقية وخيانة النفس التجاوز عن حد الشريعة والطريقة يقال ان متابعة سبعة اصناف أورثت سبعة أشياء. الاول ان متابعة النفس أورثت الندامة كما قال تعالى فى قتل قابيل هابيل فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ. والثاني ان متابعة الهوى أورثت البعد كما قال لبلعام وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يعنى فى البعد والخساسة والثالث ان متابعة الشهوات أورثت الكفر كما قال تعالى وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا يعنى الكفر. والرابع ان متابعة فرعون أورثت الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة كما قال تعالى فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ الى قوله فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ. والخامس ان متابعة القادة الضالة أورثت الحسرة كما قال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا الى قوله كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ. والسادس ان محبة النبي عليه السلام أورثت المحبة كما قال الله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>