أن تجعل مغرب الصيف على يمينك ومشرق الشتاء على يسارك فتكون مستقبل القبلة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما في ذلك من فوائد لا تحصى من اعتدال الهولء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل في وقته الى غير ذلك مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ اى أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها وخليتها للرعى والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب وبالفارسية راه داد دو دريا را كه يكى خوش وشيرين ويكى تلخ وشور يَلْتَقِيانِ حال من البحرين قريبة من الحال المقدرة اى يتجاوران ويتماس سطوحهما لا فصل في مرأى العين وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقة فتجرى في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها وقيل أرسل بحر فارس والروم يلتقيان في المحيط لانهما خليجان يتشعبان منه قال سعدى المفتى وعلى هذا فقوله يلتقيان اما حال مقدرة ان كان المراد إرسالهما الى المحيط او المعنى اتحاد أصليهما ان كان المراد إرسالهما منه فلكل وجه بَيْنَهُما بَرْزَخٌ اى حاجز من قدرة الله او من الأرض والبرزخ الحائل بين الشيئين ومنه سمى القبر برزخا لانه بين الدنيا والآخرة وقيل للوسوسة برزخ الايمان لانها طائفة بين الشك واليقين لا يَبْغِيانِ اى لا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة وابطال الخاصية مع أن شأنهما الاختلاط على الفور بل يبقيان على حالهما زمانا يسيرا مع ان شأنهما الاختلاط وانفعال كل واحد منهما عن الآخر على الفور او لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما من الأرض لتكون الأرض بارزة يتخذها أهلها مسكنا ومهادا فقوله لا يبغيان اما من الابتغاء وهو الطلب اى لا يطلبان غير ما قدر لهما او من البغي وهو مجاوزة كل واحد منهما ما حد له فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وليس من البحرين شيء يقبل التكذيب لما فيه من الفوائد والعبر يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ اللؤلؤ الدر والمرجان الخرز الأحمر المشهور يقال يلقيه الجن في البحر وقال فى خريدة العجائب اللؤلؤ يتكون في بحر الهند وفارس والمرجان ينبت في البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى البصر كحلا وينشف رطوبة العين انتهى وقيل اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره واعلم انه ان أريد بالبحرين هنا بحر فارس وبحر الروم فلا حاجة في قوله منهما الى التأويل إذا للؤلؤ والمرجان بمعنييه يخرجان منهما لان كلا منهما ملح ولا عذب في البحار السبعة الأعلى قول من قال فى الآية يخرج من مالح بحرى فارس والروم ومن عذب بحر الصين وفي بحر العلوم ان اللؤلؤ يخرج من بحر فارس والمرجان من بحر الروم يعنى لا من كليهما وان أريد بهما البحر الملح والبحر العذب فنسبة خروجهما حينئذ الى البحرين مع انهما انما يخرجان من البحر الملح او مع انهما لا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه كما يقال يخرج الولد من الذكر والأنثى وانما تلده الأنثى وهو الأظهر أو لأنهما لا يخرجان الا من ملتقى الملح والعذب وهذا يحتمل معنيين أحدهما ان الملتقى اسم مكان والخروج بمعنى الانتقال من الباطن الى الظاهر فانه قال الجمهور يخرج من الأجاج من المواضع التي يقع فيها الأنهار والمياه العذبة فناسب اسناد ذلك إليهما وهذا مشهور عند الغواصين والثاني انه مصدر ميمى