عطف على الجملة الاستئنافية وإضراب على اضرابهم وابطال له بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم إيانا على الشرك والأوزار فحذف المضاف اليه وأقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله «يا سارق الليلة اهل الدار» او جعل ليلهم ونهارهم ما كرين مجازا إِذْ تَأْمُرُونَنا ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت أمركم لنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس أمرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أي نعمة واما امور اخر مقارنه للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ الندامة التحسر فى امر فائت اى أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال حين ما نفعتهم الندامة وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [سرزنش كردن] او أظهروها فانه من الاضداد إذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى أشكيته وهو المناسب لحالهم وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا يقال فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشيء ومنه الغل للماء الجاري خص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى أعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وإيراد المستقبل بلفظ الماضي من جهة تحقق وقوعه والإظهار فى موضع الإضمار حيث لم يقل فى أعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصي والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا أنفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى وهو معتاد بين الظلمة وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق كما فى الكبرى. ولا يكره ان يجعل قيدا فى رجل عبده لانه سنة المسلمين فى السفهاء واهل الفساد فلا يكره فى العبد إذ فيه تحرز عن إباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه قال فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى إطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فى ادب القاضي للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [تخته كله] ويجوز ان تكون الاطافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ من القرى: وبالفارسية [نفرستاديم در هيچ ديهى وشهرى] قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقرى أهلها وتجمعهم مِنْ نَذِيرٍ نبى ينذر أهلها بالعذاب إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه وأترفته النعمة أطغته اى قال رؤساء تلك القرية المتكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من التوحيد