للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى قال فى البهجة واما نحو تلك الجنة فذلك لصيرورتها كالمشاهد بمعرفة أوصافها اللَّهُ خبر ذلكم ويجوز ان يكون صفة على ان الخبر ما بعده كما قال الكاشفى [آن خداوندى كه موصوف است بصفات خلق وتدبير واستيلاء] رَبَّكُمُ [پروردگار شماست نه غير او] إذ لا يشاركه أحد فى شىء من ذلك قال المولى ابو السعود رحمه الله ربكم بيان له او بدل منه او خبر ثان لاسم الاشارة فَاعْبُدُوهُ وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك او انسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع أَفَلا تَذَكَّرُونَ تتفكرون فان ادنى التفكر والنظر ينبهكم على انه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً بالموت والنشور لا الى غيره فاستعدوا للقائه. وانتصب جميعا على انه حال من الضمير المجرور لكونه فاعلا فى المعنى اى اليه رجوعكم مجتمعين وفى التأويلات النجمية رجوع المقبول والمردود الى حضرته. فاما المقبول فرجوعه اليه بجذبات العناية التي صورتها خطاب ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ وحقيقتها انجذاب القلب الى الله تعالى ونتيجتها غروب النفس عن الدنيا واستواء الذهب والمدر عندها وانزعاج القلب مما سوى الله واستغراق الروح فى بحر الشوق والمحبة والتبري مما سوى الله وهيمان السر وحيرته فى شهود الحق ورجوعه من الخلق. واما المردود فرجوعه بغير اختياره مغلولا بالسلاسل والاغلال يسحبون فى النار على وجوههم وهى صورة صفة قهر الله ومن نتائج قهر الله تعلقاته بالدنيا وما فيها واستيلاء صفات النفس عليه من الحرص والبخل والأمل والكبر والغضب والشهوة والحسد والحقد والعداوة والشره فان كل واحدة منها حلقة من تلك السلاسل وغل من تلك الاغلال بها يسحبون الى النار وَعْدَ اللَّهِ اى وعد الله البعث بعد الموت وعدا حَقًّا كائنا لا شك فيه فوعد الله مصدر مؤكد لنفسه لان قوله اليه مرجعكم وعد من الله بالبعث والاعادة لا محتمل له غير كونه وعدا وقوله حقا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وعد الله لان لهذه الجملة محتملا غير الحقية نظرا الى نفس مفهومها اى حق ذلك حقا إِنَّهُ اى الله تعالى يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يقال بدأ الله الخلق اى خلقهم كما فى القاموس ثُمَّ يُعِيدُهُ اى يبدأ الخلق اولا فى الدنيا ليكلفهم ويأمرهم بالعبادة ثم يميتهم عند انقضاء آجالهم ثم يبعثهم بعد الموت وهذا استئناف بمعنى التعليل لوجوب الرجوع اليه لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ متعلق بيعيده اى يثيبهم بما يليق بلطفه وكرمه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بِالْقِسْطِ متعلق بيجزى اى بالعدل فلا ينقص من ثواب محسن ولا يزيد على عقاب مسيئ بل يجازى كلا على قدر عمله كما قال تعالى جَزاءً وِفاقاً وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ اى من ماء حار قد انتهت حرارته [چون بخورند احشا وامعاى ايشان پاره پاره گردد] وَعَذابٌ أَلِيمٌ وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم بِما كانُوا يَكْفُرُونَ وهو فى موضع رفع صفة اخرى لعذاب ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المذكور من الشراب والعذاب حاصل لهم بسبب كفرهم بالله ورسوله وغير النظم ولم يقل وليجزى الكافرين بشراب إلخ تنبيها على ان المقصود بالذات من الإبداء والاعادة هو الاثابة والعقاب واقع بالعرض واعلم ان الدنيا مزرعة الآخرة فالله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>