للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو العرش محيط بها كلها وكذلك جسم الإنسان خلق من تسعة جواهر بعضها فوق بعض ليكون جسم الإنسان مشاكلا للافلاك بالكمية والكيفية وهى اى الجواهر المخ والعظام والعصب والعروق وفيها الدم واللحم والجلد والشعر والظفر وهو اى العرش أول الموجود الجسماني كما ان روح نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أول الموجود الروحاني وهو من ياقوتة حمراء وله الف شرفة وفى كل شرفة الف عالم مثل ما فى الدنيا بأسرها قال ابن الشيخ ومعنى الاستواء عليه الاستيلاء عليه بالقهر ونفاذ التصرف فيه وخص العرش بالأخبار عن الاستواء عليه لكونه أعظم المخلوقات فيفيد انه استولى على ما دونه قال الحدادي ودخلت ثم على الاستواء وهى فى المعنى داخلة على التدبير كأنه قال ثم يُدَبِّرُ الْأَمْرَ وهو مستو على العرش فان تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش ولذا ترفع الأيدي فى دعاء الحوائج نحو العرش قال القاضي يدبر الأمر اى يقدر امر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه والتدبير النظر فى ادبار الأمور لتجيئ محمودة العاقبة وعن عمرو بن مرة يدبر امر الدنيا بامر الله اربعة. جبرائيل وميكائيل وملك الموت واسرافيل. اما جبرائيل فعلى الرياح والجنود. واما ميكائيل فعلى القطر والنبات. واما ملك الموت فعلى الأنفس. واما اسرافيل فينزل عليهم ما يؤمرون به قال فى التأويلات النجمية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فى عالم الصورة وهو العالم الأكبر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من انواع ستة وهى الافلاك والكواكب والعناصر والحيوان والنبات والجماد ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ والعرش جسمانى روحانى ذو جهتين جهة منه تلى العالم الروحاني وجهة منه تلى العالم الجسماني يُدَبِّرُ الْأَمْرَ لفيضان فيض رحمانيته على العرش فانه أول قابل لفيض الروحانية وهذا أحد تفاسير الرحمن على العرش استوى ثم من

العرش ينقسم الفيض فانه مقسم الفيض فيجرى فى مجارى جعلها الله من العرش الى ما دونه من المكونات وانواع المخلوقات فبذلك الفيض تدور الافلاك كما تدور الرحى بالماء به تؤثر الكواكب وبه تولد العناصر وتظهر خواصه وبه يتولد الحيوان ذا حس وحركة وبه ينبت النبات ذا حركة بلا حس وبه تغير المعادن بلا حس ولا حركة وفيه اشارة اخرى إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي يربيكم هو الذي خَلَقَ السَّماواتِ سموات أرواحكم وَالْأَرْضَ ارض نفوسكم فى عالم المعنى وهو العالم الأصغر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى من ستة انواع وهى الروح والقلب والعقل والنفس التي هى الروح الحيواني والنفس النباتية التي هى النامية وخواص المعادن وهى فى الإنسان قوة قابلة لتغير الأحوال والأوصاف والألوان ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ على عرش القلب يُدَبِّرُ الْأَمْرَ امر السعادة والشقاوة ويهيئ أسبابهما من الأخلاق والأحوال والأعمال والافعال والأقوال والحركات والسكنات والى هذا يشير قوله (قلوب العباد بيدي الله يقلبها كيف يشاء) ما مِنْ شَفِيعٍ يشفع لاحد فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ المبنى على الحكمة الباهرة وهو جواب قول الكفار ان الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين الله تعالى انه ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل يشفع لاحد إلا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى فكيف تشفع الأصنام التي ليس لها عقل ولا تمييز وفيه اثبات الشفاعة لمن اذن له ذلِكُمُ اى ذلك العظيم الشان المنعوت بما ذكر من نعوت الكمال والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>