للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِيُتِمَّ بشرعه ما هو مطهرة لابدانكم ومكفرة لذنوبكم نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ فى الدين او ليتم برخصته انعامه عليكم بعزائمه والرخصة ما شرع بناء على الاعذار والعزيمة ما شرع أصالة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته. واعلم ان المقصود من طهارة الثوب وهو القشر الخارج البعيد ومن طهارة البدن وهو القشر القريب طهارة القلب وهو لب الباطن وطهارة القلب من نجاسات الأخلاق أهم الطهارات ولكن لا يبعد ان يكون لطهارة الظاهر ايضا تأثير فى اشراق نورها على القلب فاذا أسبغت الوضوء واستشعرت نظافة ظاهرك صادفت فى قلبك انشراحا وصفاء كنت لاتصادفه قبله وذلك لسر العلاقة التي بين عالم الملك وعالم الملكوت فان ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما ينحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد يرتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب ولذلك امر الله بالصلاة مع انها حركات الجوارح التي من عالم الشهادة ولذلك جعلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الدنيا ومن الدنيا فقال (حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة) ولا يستبعد ان يفيض من الطهارة الظاهرة اثر على الباطن وان أردت لذلك دليلا من الشرع فتفكر فى قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (خمس بخمس إذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة وإذا جار الحكام قحط المطر وإذا ظهر الزنى كثر الموت وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية وإذا تعدى على اهل الذمة كانت الدولة لهم) وان كنت تطلب لهذا مثلا من المحسوسات ايضا فانظر الى ما يفيض الله من النور بواسطة المرآة المحاذية للشمس على بعض الأجسام المحاذية للمرآة وبالجملة ان الله تعالى جعل الوضوء والتيمم من اسباب الطهارة فلا بد من الاجتهاد فى تحصيل الطهارة مطلقا وان كان التوفيق من الله تعالى: كما قال الحافظ

فيض ازل بزور زر ار آمدى بدست ... آب خضر نصيبه إسكندر آمدى

والاشارة فى الآية وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى بمرض حب الدنيا أَوْ عَلى سَفَرٍ فى متابعة الهوى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ فى قضاء حاجة شهوة من الشهوات أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ وهى الدنيا فى تحصيل لذة من اللذات فَلَمْ تَجِدُوا ماءً التوبة والاستغفار فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فتمعكوا فى تراب أقدام الكرام فانه طهور للذنوب العظام فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ من تراب أقدامهم وشمروا لخدمتهم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ لان فيه شفاء لقساوة القلوب ودواء لمرض الذنوب ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ بهذه الذلة والصغار وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ من الذنوب الكبار واكبر الكبائر الشرك بالله وأعظم الشركاء الوجود مع وجود المعبود وهذا ذنب لا يغفر الا بالتمرغ فى هذا التراب ولوث لم يطهر الا بالالتجاء الى هذه الأبواب وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ بعد ذوبان نحاس انانيتكم بنار تصرفات هممهم العالية بطرح اكسير أنوار الهوية لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إذ تهتدون بانوار الهوية الى رؤية أنوار النعمة كذا فى التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالإسلام لتذكركم المنعم وترغبكم فى شكره. فان قيل ذكر نعمة الإسلام مشعر بسبق النسيان وكيف يعقل من المسلم ان ينساها مع اشتغاله باقامة وظائف الإسلام على التوالي والدوام. قلنا المواظبة على وظائف الشيء تنزل منزلة الأمر الطبيعي المعتاد

<<  <  ج: ص:  >  >>