للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ابراهيم على قومه واخبار انه لا يصلح للالهية من لا يفعل هذه الافعال وبعد ما ذكر فنون الألطاف الفائضة عليه من الله تعالى من مبدأ خلقه الى يوم بعثه حمله ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد فقال رَبِّ [اى پروردگار من] هَبْ لِي حُكْماً اى كمالا فى العلم والعمل استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق فان من يعلم شيأ ولا يأتى من العمل بما يناسب علمه لا يقال له حكيم ولا لعلمه حكم وحكمة وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ووفقني من العلوم والأعمال والأخلاق لما ينظمنى فى زمرة الكاملين الراسخين فى الصلاح المتنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها او اجمع بينى وبينهم فى الجنة فقد اجابه تعالى حيث قال (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) وباقى الكلام هنا سبق فى اواخر سورة الكهف وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ جاها وحسن صيت فى الدنيا يبقى اثره الى يوم الدين ولذلك ما من امة الا وهم محبون له مثنون عليه فحصل بالأول الجاه وبالثاني حسن الذكر: وبالفارسية [وكردان براى من زبان راست يعنى ثناى نيكو در ميان پس آيند كان يعنى جارى كن ثنا ونيكنامى وآوازه من بر زبان كسانى كه پس از من آيند] فقوله (فِي الْآخِرِينَ) اى فى الأمم بعدي وعبر عن الثناء الحسن والقبول العام باللسان لكون اللسان سببا فى ظهوره وانتشاره وبقاء الذكر الجميل على ألسنة العباد الى آخر الدهر دولة عظيمة من حيث كونه دليلا على رضى الله عنه ومحبته والله تعالى إذا أحب عبدا يلقى محبته الى اهل السموات والأرض فيحبه الخلائق كافة حتى الحيتان فى البحر والطيور فى الهواء قال ابن عطاء اى اطلق لسان امة محمد بالثناء والشهادة لى فانك قد جعلتهم شداء مقبولين قال سهل اللهم ارزقني الثناء فى جميع الأمم والملل وانما يحصل فى الحقيقة بالفعل الجميل والخلق الحسن واللسان اللين فهى اسباب اللسان الصدق وبها اقتداء الآخرين به فيكون له اجره ومثل اجر من اقتدى به وَاجْعَلْنِي فى الآخرة وارثا مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ شبه الجنة التي استحقها العامل بعد فناء عمله بالميراث الذي استحقه الوارث بعد فناء مورثه فاطلق عليها اسم الميراث وعلى استحقاقها اسم الوراثة وعلى العامل اسم الوارث. فالمعنى واجعلنى من المستحقين لجنة النعيم والمتمتعين بها كما يستحق الوارث مال مورثه ويتمتع به. ومعنى جنة النعيم [بستان پر نعمت] وفيه اشارة الى ان طلب الجنة لا ينافى طلب الحق وترك الطلب مكابرة للربوبية قال بعض الكبار ان الله تعالى هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه ولنا حبان حبه وحب عطائه وهما لذاته فقط لا لغيره أصلا ونحب بحب ذاته وحب صفاته لكن انما نحب بهذين الحبين كما ذكر لحب ذاته فقط لا لغيره فيكون الحب فى أصله واحدا وفى فرعه متعددا على ما هو مقتضى الجمع والوحدة وموجب الفرق والكثرة فحبنا له انما هو فى مقام جمع الجمع لانه مقام الاعتدال لا فى مرتبة الجمع او الفرق فقط وَاغْفِرْ لِأَبِي المغفرة مشروطة بالايمان وطلب المشروط يتضمن طلب شرطه فيكون الاستغفار لاحياء المشركين عبارة عن طلب توفيقهم وهدايتهم للايمان إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ طريق الحق: وبالفارسية از كمراهان] وهذا الدعاء قبل ان يتبين له انه عدو لله كما تقدم فى سورة التوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>