قوة غفلته وخباثة نفسه فالله تعالى يراها وروح رسوله وأرواح المؤمنين وفى الحديث (تصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى وتشيعه ملائكة السموات السبع حتى يقطعون به الحجب كلها الى الله تعالى فيقفون بين بدى الرب جل جلاله ويشهدون بالعمل الصالح المخلص لله فيقول الله لهم أنتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على ما فى نفسه انه لم يردنى بهذا العمل ولا أخلصه لى وانا اعلم بما أراد بعلمه غر الآدميين وغركم ولم يغرنى وانا علام الغيوب المطلع على ما فى القلوب لا تخفى على خافية ولا تعزب عنى عازبة علمى بما كان كعلمى بما لم يكن وعلمى بما مضى كعلمى بما بقي وعلمى بالأولين كعلمى بالآخرين اعلم السر وأخفى فكيف يعرّنى عبدى بعمله وانما يغر المخلوقين الذين لا يعلمون وانا علام الغيوب عليه لعنتى وتقول الملائكة السبعة او الثلاثة الآلاف المشيعون يا ربنا عليه لعنتك ولعنتنا فيقول اهل السماء عليه لعنة الله ولعنة اللاعنين) : قال السعدي
وگر سيم اندوده باشد نحاس ... توان خرج كردن بر ناشناس
منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز
اعلم ان الأقلام كتبت على الألواح احوال العالم كلها من السرائر والظواهر ثم سلمت الألواح للحزنة وجعل لكل شىء خزائن ووكلت عليها حوافظ وكوالىء كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ فتستنسخ السفرة من الخزنة والحفظة من السفرة فللاعمال كلها مخازن تقسم منها وتنتهى إليها وغاية خزائن الأعمال الصالحة سدرة المنتهى فعلم من هذا ان الحفظة مطلعون على اعمال العباد قلبية كانت او قالبية وليسوا بمطلعين على المقبول منها وغير المقبول الا بعد العرض والرفع فكل عمل مضبوط مجزى به فان أخفاه العبد عن الخلق لا يقدر على اخفائه عن الله تعالى وعن الملائكة: قال السعدي قدس سره
در بسته ز روى خود بمردم ... تا عيب نكسترند ما را
در بسته چهـ سود عالم الغيب ... داناى نهان وآشكارا
وَآخَرُونَ عطف على آخرون قبله اى ومن المتخلفين من اهل المدينة ومن حولها من الاعراب قوم آخرون غير المعترفين المذكورين مُرْجَوْنَ قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص مرجون بالواو على ان يكون أصله مرجيون بالياء والباقون مرجأون بالهمزة يقال ارجيته وارجأته بالياء والهمزة إذا أخرته والنسبة الى المهموز مرجئىّ كمرجعى لامرج كمعط والى غير مرجى بياء مشددة عقيب الجيم وهم المرجئة بالهمزة والمرجية بالياء مخففة كما فى القاموس والمرجئة قوم لا يقطعون على اهل الكبائر بشىء من عفو او عقوبة بل يرجئون الحكم فى ذلك اى يؤخرونه الى يوم القيامة كما فى المغرب والمعنى مؤخرون لِأَمْرِ اللَّهِ فى شأنهم اى حتى ينزل الله فيهم ما يريد إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ ان بقوا على ما هم عليه من الحال وهو عدم المسارعة الى التوبة والاعتذار دون النفاق فانهم كانوا غير مخلصين وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ان خلصت نيتهم وصحت توبتهم والجملة فى محل النصب على الحالية اى منهم هؤلاء اما معذبين واما متو با عليهم فان قلت اما للشك والله تعالى منزه عنه إذ هو عالم بما يصير اليه أمرهم