أحد من اسر الهوى بمجرد العقل فلا تكون عبادته مقبولة إذ هى مشوبة بالهوى ولا يهتدى أحد الى الله بغير هدى من الله كما ان نبينا عليه السلام مع كمال قدره فى النبوة والرسالة احتاج فى الاهتداء الى متابعة الأنبياء كما قال (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ولهذا السر بعثت الأنبياء واحتاج المريد للشيخ المهتدى الى الله بهدى من الله وهو المتابعة ومنها ان الظالمين هم الذين وضعوا متابعة الهوى فى موضع متابعة الأنبياء وطلبوا الهداية من غير موضعها فاهل الهوى ظالمون قال بعضهم للانسان مع هواه ثلاث احوال. الاولى ان يغلبه الهوى فيتملكه كما قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) . والثانية ان يغالبه فيقهر هواه مرة ويقهره هواه اخرى وإياه قصد بمدح المجاهدين وعناه النبي عليه السلام بقوله عليه السلام (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) والثالثة ان يغلب هواه كالانبياء عليهم السلام وصفوة الأولياء قدس الله أسرارهم وهذا المعنى قصده تعالى بقوله (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) وقصده النبي عليه السلام بقوله (ما من أحد الا وله شيطان وان الله قد أعانني على شيطانى حتى ملكته) فان الشيطان يتسلط على الإنسان بحسب وجود الهوى فيه وينبغى للعاقل ان يكون من اهل الهدى لا من اهل الهوى وإذا عرض له أمران فلم يدر أيهما أصوب فعليه بما يكرهه لا بما يهواه ففى حمل النفس على ما تكرهه مجاهدة واكثر الخير فى الكراهية والعمل بما أشار اليه العقل السليم واللب الخالص: قال الشيخ سعدى قدس سره
هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سر پنجه عقل تيز
وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ التوصيل مبالغة الوصل وحقيقة الوصل رفع الحائل بين الشيئين اى أكثرنا لقريش القول موصولا بعضه ببعض بان أنزلنا عليهم القرآن آية بعد آية وسورة بعد سورة حسبما تقتضيه الحكمة اى ليتصل التذكير ويكون ادعى لهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فيؤمنون ويطيعون او تابعنا لهم المواعظ والزواجر وبينا لهم ما أهلكنا من القرون قرنا بعد قرن فاخبرناهم انا أهلكنا قوم نوح بكذا وقوم هود بكذا وقوم صالح بكذا لعلهم يتعظون فيخافون ان ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم وفى التأويلات النجمية يشير الى توصيل القول فى الظاهر بتفهيم المعنى فى الباطن اى فهمناهم معنى القرآن لعلهم يتذكرون عهد الميثاق إذ آمنوا بجواب قولهم بلى وأقروا بالتوحيد ويجددون الايمان عند سماع القرآن الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مبتدأ وهم مؤمنوا اهل الكتاب مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل إيتاء القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ اى بالقرآن والجملة خبر المبتدأ ثم بين ما أوجب ايمانهم به بقوله وَإِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ اى بانه كلام الله تعالى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا اى الحق الذي كنا نعرف حقيقته: وبالفارسية [راست ودرست است فرود آمدن بنزديك آفريدگار ما] إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل نزوله مُسْلِمِينَ بيان لكون ايمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذ وانما هو امر متقادم العهد لما شاهدوا ذكره فى الكتب المتقدمة وانهم على دين الإسلام قبل نزول القرآن أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من النعوت يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ ثوابهم فى الآخرة