كالفلك فى بحر الحقيقة إذ لو لم يكن هذا الفلك ما تيسر لاحد العبور على بحر الحقيقة والمقصود منه جذبة العناية إذ هى ليست بمكتسبة للخلق بل من قبيل الفضل فعلى من يريد النيل الى هذه الجذبة ان يسير بقدمي العلم والعمل: قال فى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت مى رود
ومنها ان الاعراض عن الحق بالكفران يؤدى الى الخسران قال الجنيد لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله تعالى بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين
درين ره دائما ثابت قدم باش ... برو از رهزن غم بي الم باش
ز بازار توجه رو مكردان ... همه سودى كه خواهى اندرين دان
ومنها ان جميع الجوانب والجهات متساوية بالنسبة الى قدرته تعالى وقهره سلطانه لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه فعلى العبد ان يستوى خوفه من الله فى جميع الجوانب حيث كان فان الله كان متحليا بجماله وجلاله فى جميع الاينيات ولذا كان اهل اليقظة والحضور لا يفرقون بين اين واين وبين حال وحال لمشاهدتهم احاطة الله تعالى فان الله تعالى لو شاء لاهلك من حيث لا يخطر بالبال ألا ترى انه أهلك النمرود بالبعوض فكان البعوض بالنسبة الى قدرته كالاسد ونحوه فى الا هلاك وربما رأيت من غص بلقمة فمات فانظر فى ان تلك اللقمة مع انها من اسباب الحياة كانت من مبادى الممات فاماته الله من حيث يدرى حياته فيه ولو أمعنت النظر لوجدت شؤون الله تعالى فى هذا العالم عجيبة
هر كرا خواهد خدا آرد بچنك ... نيست كس را قوت بازوى جنك
قال الله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ التكريم والا كرام بمعنى والاسم منه الكرامة والمعنى [بالفارسية وهر آيينه كرامى كرديم فرزندان آدم را] قال المولى ابو السعود بنى آدم قاطبة تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم وفى التأويلات النجمية خصصناهم بكرامة تخرجهم من حيز الاشتراك وهى على ضربين جسدانية وروحانية فالكرامة الجسدانية عامة يستوى فيها المؤمن والكافر وهى تخمير طينته بيده أربعين صباحا وتصويره فى الرحم بنفسه وانه تعالى صوره فاحسن صورته وسواه فعدله فى أي صورة ما شاء ركبه ومشاه سويا على صراط مستقيم مستقيم القامة أخذا بيديه آكلا بأصابعه مزينا باللحى والذوائب صانعا بانواع الحرف والكرامة الروحانية على ضربين خاصة وعامة فالعامة ايضا يستوى فيها المؤمن والكافر وهى ان كرمه بنفخه فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وكلمه قبل ان خلقه بقوله ألست بربكم فاسمعه خطابه وأنطقه بجوابه بقوله قالوا بلى وعاهده على العبودية واولده على الفطرة وأرسل اليه الرسل وانزل عليه الكتب ودعاه الى الحضرة ووعده الجنة وخوفه النار واظهر له الآيات والدلالات والمعجزات والكرامة الروحانية الخاصة ما كرم به أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين من النبوة والرسالة والولاية والايمان والإسلام والهداية الى الصراط المستقيم