فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ فلا بد للسالك ان يجتهد فى سلوكه ويتخلص من رق الغير كى يصل الى المراد والعاشق الصادق لا يكون فى عبودية غير معشوقه ولا يتسلى عن الدنيا والآخرة إلا بوصاله فليس له مطلب سواه
عاشق كه ز هجر دوست دادى خواهد ... يا بر در وصلش ايستادى خواهد
نا كس ترا زو كس نبود در عالم ... كز دوست بجز دوست مرادى خواهد
وهذا مقام شريف ومطلب عزيز أوصلنا الله تعالى وإياكم وَلا تَتَمَنَّوْا التمني عبارة عن ارادة ما يعلم او يظن انه لا يكون ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ اى عليكم ان لا تتمنوا ما أعطاه الله بعضكم من الأمور الدنيوية كالجاه والمال وغير ذلك مما يجرى فيه التنافس دونكم فان ذلك قسمة من الله تعالى صادرة عن تدبير لائق بأحوال العباد مترتب على الإحاطة بجلائل شؤونهم ودقائقها. فعلى كل أحد من المفضل عليهم ان يرضى بما قسم له ولا يتمنى حظ المفضل ولا يحسده عليه لما انه معارضة لحكمة القدر فالانصباء كالاشكال وكما ان اختلاف الاشكال مقتضى حكمة الهية لم يطلع على سرها أحد فكذلك الاقسام. وقيل لما جعل الله تعالى فى الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء نحن أحوج ان يكون لنا سهمان وللرجال سهم واحد لانا ضعفاء وهم أقوياء واقدر على طلب المعاش منا فنزلت وهذا هو الأنسب بتعليل النهى بقوله تعالى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ فانه صريح فى جريان التمني بين فريقى الرجال والنساء والمعنى لكل من الفريقين فى الميراث نصيب معين المقدار مما أصابه بحسب استعداده وقد عبر عنه بالاكتساب على طريقة الاستعارة التبعية المبنية على تشبيه اقتضاء حاله لنصيبه باكتسابه إياه تأكيدا لاستحقاق كل منهما لنصيبه وتقوية لاختصاصه به بحيث لا يتخطاه الى غيره فان ذلك مما يوجب الانتهاء عن التمني المذكور وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ اى لا تتمنوا ما يختص بغيركم من نصيبه المكتسب له واسألوا الله تعالى ما تريدون من خزائن نعمه التي لا نفادلها فانه يعطيكموه إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فهو يعلم ما يستحقه كل انسان ففضله عن علم وحكمة وتبيان وفى الحديث (لن يزال الناس بخير ما تباينوا) اى تفاوتوا (فاذا تساووا هلكوا) وذلك لاختلال النظام المرتبط بذلك. وقد يقال معناه انه لا يغتم لتفاوت الناس فى المراتب والصنائع بان يكون مثلا بعضهم أميرا وبعضهم سلطانا وبعضهم وزيرا وبعضهم رئيسا وبعضهم اهل الصنائع لتوقف النظام عليه. واعلم ان مراتب السعادات اما نفسانية كالذكاء التام والحدس الكامل والمعارف الزائدة على معارف الغير بالكمية والكيفية وكالعفة والشجاعة وغير ذلك واما بدنية كالصحة والجمال والعمر الطويل فى ذلك مع اللذة والبهجة واما خارجية ككثرة الأولاد الصلحاء وكثرة العشائر وكثرة الأصدقاء والأعوان والرياسة التامة ونفاذ القول وكونه محبوبا لقلوب الناس حسن الذكر فيهم فهى مجامع السعادات والإنسان إذا شاهد انواع الفضائل حاصلة لانسان ووجد نفسه خاليا عن جملتها او عن أكثرها فحينئذ يتألم قلبه ويتشوش خاطره ثم يعرض هاهنا حالتان إحداهما ان يتمنى زوال تلك السعادات عن ذلك الإنسان والاخرى ان لا يتمنى ذلك بل يتمنى حصول مثلها له والاول هو الحسد المذموم لان المقصود