السويق وَاتَّبَعُوا فى كل ما أتوا من قول وفعل وهو عطف على انقلبوا رِضْوانَ اللَّهِ الذي هو مناط الفوز بخير الدارين بجرأتهم وخروجهم وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ حيث تفضل بالتثبيت وزيادة الايمان والتوفيق للمبادرة الى الجهاد والتصلب فى الدين واظهار الجرأة على العدو وحفظهم من كل ما يسوؤهم مع إصابة النفع الجليل. وفيه تحسير لمن تخلف عنهم واظهار لخطأ رأيهم حيث حرموا أنفسهم ما فاز به هؤلاء وروى انهم قالوا هل يكون هذا غزوا فاعطاهم الله ثواب الغزو ورضى عنهم إِنَّما ذلِكُمُ اى المثبط ايها المؤمنون وهو مبتدأ الشَّيْطانُ خبره يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ المنافقين غلبة المشركين وقهرهم ليقعدوا عن قتالهم فهم المنافقون الذين فى قلوبهم مرض وقد تخلفوا عن رسول الله فى الخروج والمعنى ان تخويفه بالكفار انما يتعلق بالمنافقين الذين هم أولياؤه واما أنتم ايها المؤمنون فاولياء الله وحزبه الغالبون لا يتعلق بكم تخويفه فَلا تَخافُوهُمْ اى الشيطان واولياء من ابى سفيان وغيره وَخافُونِ فى مخالفة امرى إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فان الايمان يقتضى إيثار خوف الله عز وجل على خوف غيره ويستدعى الامن من شر الشيطان وأوليائه والخوف على ثلاثة اقسام. خوف العام وهو من عقوبة الله. وخوف الخاص وهو من بعد الله. وخوف الأخص وهو من الله والى هذه المراتب أشار النبي عليه السلام بقوله (أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك. فعلى السالك ان يفنى عن نفسه وصفاتها ولا يرى فى الكون وجودا غير وجوده فلا يخاف إلا منه فانه هو القاهر فوق عباده وهو الكافي جميع الأمور. قال نجم الدين الكبرى قدس سره آخر مقام الخلة ان يكبر على نفسه وجميع المكونات اربع تكبيرات ويتحقق له ان الله حسبه من كل شىء وهو نعم الوكيل عن نفسه وما سواه: قال الحافظ الشيرازي
من همان دمكه وضو ساختم از چشمه عشق ... چار تكبير زدم يكسره بر هر چهـ كه هست
يشير الى انه وقت قيامه بالعشق رأى وجود غير الله ميتا بمنزلة الجماد وقد قال كل شىء هالك الا وجهه وصلاة الميت بأربع تكبيرات لا غير وهذا هو الفناء عن نفسه وعن المكونات حققنا الله تعالى بحقيقة التوحيد. قال ابو يزيد كنت اثنتي عشرة سنة حدادا لنفسى وخمسين سنة مرآة قلبى وسنة انظر فيها فاذا فى وسطى زنار ظاهر فعملت فى قطعه اثنتي عشرة سنة ثم نظرت فاذا فى باطني زنار فعملت فى قطعه خمس سنين انظر كيف اقطع فكشف لى فنظرت الى الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم اربع تكبيرات. وقيل لابى يزيد البسطامي بعد وفاته كيف كان حالك مع منكر ونكير فقال لما قالا لى من ربك قلت لهما اسألا ربى فان قال هو عبدى يكفى والا فلو قلت انا عبده مرارا لا يفيد بلا قبوله وحقيقة العبودية بالتبري من جميع ما سوى الله ولو من صومه وصلاته وسائر عباداته- روى- ان أبا يزيد فى آخر عمره دخل محرابه وقال الهى لا أذكر صومى ولا صلاتى ولا غيرهما بل أقول أفنيت عمرى فى الضلالة فالآن قطعت زنارى وجئت بابك بالاستسلام وهو الإسلام وهذا هو الانصاف من نفسه حقيقة. قال الشيخ السعدي فى حق شيخه السهروردي