للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى

فاذا ثبت أن الله تعالى يجيب الدعوات لا ما سواه من الأصنام ونحوها فلا بد من توحيده واخلاص الطاعة والعبادة له وعرض الافتقار اليه إذ لا ينفع الغير لا فى الدنيا ولا فى الآخرة جعلنا الله وإياكم من التابعين للهدى والمخفوظين من الهوى إِنَّا نون العظمة او باعتبار الصفات او المظاهر لَنَنْصُرُ رُسُلَنا النصر العون وَالَّذِينَ آمَنُوا اى اتباعهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح فى ذلك ما قد يتفق لهم من صورة المغلوبية امتحانا إذ العبرة انما هى بالعواقب وغالب الأمر وايضا ما يقع فى بعض الأحيان من الانهزام انما كان بعارض كمخالفة امر الحاكم كما فى غزوة أحد وكمطلب الدنيا والعجب والغرور كما فى بعض وقائع المؤمنين وايضا أن الله تعالى ينتقم من الأعداء ولو بعد حين كما بعد الموت الا ترى أن الله تعالى انتقم ليحيى عليه السلام بعد استشهاده من بنى إسرائيل بتسليط بخت نصر حتى قتل به سبعون الفا قال عبد الله بن سلام رضى الله عنه ما قتلت امة نبيا الا قتل به منهم سبعون الفا ولا قتلوا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا واما قصة الحسنين رضى الله عنهما فكثرة القتلى لهما باعتبار جدهما عليه السلام وحاصله أن علماء هذه الامة كانبياء بنى إسرائيل فاذا انضم الى شرفهم شرف الانتساب الى النبي عليه السلام بالسيادة الصورية قربا او بعدا تضاعف قدرهم فكان الإكرام إليهم بمنزلة الإكرام الى النبي عليه السلام وكذا الاهانة والظاهر فى دفع التعارض بين قوله تعالى انا لننصر رسلنا وبين قوله ويقتلون النبيين بغير الحق ما قال ابن عباس رضى الله عنهما والحسن رضى الله عنه من انه لم يقتل من الانبيا الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر كما فى تفسير القرطبي فى البقرة وكان زكريا ويحيى وشعيب ونحوهم عليهم السلام ممن لم يؤمر بالقتال. يقول الفقير حقيقة النصرة للخواص انما هى بالامداد الملكوتي وقد يجيىء الامداد من جهة البلاء الصوري فالقتل ونحوه كله من قبيل الامداد بالترقي والحمد الله الذي بيده الخير قال شيخ الشهير بافتاده أفندى قدس سره كان النبي عليه السلام قادرا على تخليص الحسنين رضى الله عنهما بالشفاعة من الله تعالى لكنه رأى كمالهما بالشهادة راجحا على الخلاص وفى التأويلات النجمية كمال النصرة فى الظفر على أعدى عدوك وهى نفسك التي بين جنبيك هو الجهاد الأكبر ولا يمكن الظفر على النفس الا بنصرة الحق تعالى للقلب إذا تحقق عند العبد أن الخلق أشباح يجرى عليهم احكام القدر فالولى لا عدو له ولا صديق الا الله ولهذا قال عليه السلام أعوذ بك منك (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) جمع شاهد كصاحب واصحاب اى لننصرنهم فى الدنيا والآخرة وعبر عن يوم القيامة بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جمع الأولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب وهم الملائكة والمؤمنون من امة محمد عليه السلام قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) بدل من اليوم الاول والمعذرة بمعنى العذر وقد سبق معناه فى الاول السورة اى لا ينفعهم عذرهم عن كفرهم لو اعتذروا فى بعض الأوقات لأن معذرتهم باطلة فيقال

<<  <  ج: ص:  >  >>